أو جد من عطف على أطفال بنته وحب لهم فضلاً عمن قال فيه ربه {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}[التوبة: ١٢٨] أضف إلى ذلك أنه معلم البشرية يحب أن يستأصل من عادات الجاهلية تفضيل الذكور وحبهم دون الإناث، فيضرب لهم المثل الأعلى في عطفه وحبه للبنت حتى يضعها فوق رقبته وهو يعبد الله ويصلي بالناس، ولو أنه استطاع أن لا يزعجها وأن لا يكسر بخاطرها لحظة لفعل، ولكن حركات الصلاة تحول دون ذلك فكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يركع أخذها بيديه من عاتقه ووضعها على الأرض بين يديه ثم ركع ثم رفع ثم سجد ثم جلس بين السجدتين ثم سجد الثانية ثم وضعها على عاتقه وقام بها، وهكذا حتى انتهت الصلاة. ورأى الصحابة المثل الأعلى في الرحمة والحب والعطف والشفقة والتكريم والإكرام فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
-[المباحث العربية]-
(كان يصلي) هذه العبارة تشعر بتكرار الفعل بخلاف ما لو قال "صلى" لكن هذا التعبير غير مراد به التكرار وإن أشعر بذلك، حيث لم يتكرر منه صلى الله عليه وسلم ذلك.
(وهو حامل أمامة) قال الحافظ ابن حجر: المشهور في الروايات بتنوين "حامل" ونصب "أمامة" وروي بالإضافة، كما قرئ {إن الله بالغ أمره}[الطلاق: ٣] و"أمامة" بضم الهمزة وتخفيف الميمين.
(بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم)"بنت" الأولى منصوب صفة لأمامة و"بنت" الثانية مجرور صفة لزينب.
(ولأبي العاص بن الربيع) أي "أمامة" بنت لزينب وبنت لأبي العاص بن الربيع، فالإضافة في "بنت زينب" بمعنى اللام التي ظهرت في المعطوف، وأبو العاص بن الربيع اسمه لقيط وقيل مقسم وقيل القاسم، وهو مشهور بكنيته أسلم قبل الفتح وهاجر وكانت وفاته في خلافة أبي بكر، وأشار ابن العطار إلى الحكمة في نسبة أمامة أولاً إلى أمها على غير المعتاد، فقال: الحكمة في ذلك كون والد أمامة كان إذ ذاك مشركًا، فنسبت إلى أمها، تنبيهًا على أن الولد ينسب إلى أشرف أبويه دينًا ونسبًا، ثم بين أنها من أبي العاص تبيينًا لحقيقة نسبها. اهـ وهذا الكلام في ظاهره حسن وجميل حسب الحكم الشرعي الذي استقر أخيرًا بالمدينة، ولكن من المستبعد أن يقصد أبو قتادة هذا المقصد حيث كان آنذاك كثير من أبناء المشركين الذين أسلمت أمهاتهم وفرق الإسلام بين الأمهات والآباء بعد نزول سورة الممتحنة وقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن}[الممتحنة: ١٠] لم يعرف أن أبناء هؤلاء المؤمنات نسبوا إليهن آنذاك ولم ينسبوا لآبائهم الكفار. والذي أراه أن السبب في ذلك هو أن زينب آنذاك كانت عند أبيها بالمدينة