للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أما والله إني لأعرف من أي عود هو)؟ "أما" أداة استفتاح، وقصد بهذه الجملة وبالقسم التوثيق مما يقول، وفي رواية للبخاري "ما بقي بالناس أعلم مني" ومعنى روايتنا: إني لأعرف جواب: من أي عود هو؟ .

(ومن عمله) أي والله إني لأعرف من عمله، فالموصول معطوف على مفعول "أعرف".

(قال: فقلت يا أبا عباس فحدثنا) أي قال أبو حازم لسهل: يا أبا عباس كنية سهل بن سعد الساعدي، وكان أبو حازم موجودًا عند إتيان النفر المتجادلين، والظاهر أنه لم يكن منهم وإلا لقال: تمارينا. والفاء في "فحدثنا" فصيحة في جواب شرط مقدر، أي إذا كنت أعلم الناس به فحدثنا.

(أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة - قال أبو حازم: إنه ليسميها يومئذ) يعني أن سهلاً ذكر اسم المرأة ونسيه أبو حازم، وفي رواية للبخاري "أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة - امرأة قد سماها سهل -" وقد أجهد العلماء أنفسهم في محاولة الوصول إلى اسم هذه المرأة واختلفوا اختلافات كثيرة ذكرها الحافظ ابن حجر والعيني وغيرهما، ولم يصلوا إلى قرار في اسمها.

(انظري غلامك النجار) أي انظريه نظرة طلب وأمر، وفي رواية للبخاري "مري غلامك النجار" وقد وصل الخلاف في اسم الغلام النجار صانع المنبر إلى سبعة آراء. قال الحافظ ابن حجر بعد أن سردها بأسانيدها وليس في جميع هذه الروايات التي سمي فيها النجار شيء قوي السند إلا حديث ابن عمر وليس فيه التصريح بأن الذي اتخذ المنبر تميم الداري، بل تبين من رواية ابن سعد أن تميمًا لم يعمله [وحديث ابن عمر ورواية ابن سعد اللذان أشار إليهما ابن حجر نصها: روى أبو داود والبيهقي بطرقهما عن نافع عن ابن عمر أن تميمًا الداري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما كثر لحمه: "ألا نتخذ منبرًا يحمل عظامك؟ قال: بلى. فاتخذ له منبرًا" فضمير "فاتخذ له منبرًا" يمكن أن يعود لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليس في الحديث تصريح بأن الذي صنع المنبر تميم، أما رواية ابن سعد التي تبعد أن يكون تميم الصانع للمنبر فنصها: روى ابن سعد في الطبقات من حديث أبي هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب وهو مستند إلى جذع، فقال: إن القيام قد شق علي، فقال له تميم الداري: ألا أعمل لك منبرا كما رأيت يصنع بالشام؟ فشاور النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في ذلك، فرأوا أن يتخذه، فقال العباس بن عبد المطلب: إن لي غلامًا يقال له "كلاب" أعمل الناس.

فقال: مره أن يعمل"] وأشبه الأقوال بالصواب قول من قال: هو ميمون، لكون الإسناد عن طريق سهل بن سعد أيضًا [والرواية التي يقصدها ابن حجر أخرجها قاسم بن أصبغ وأبو سعد في "شرف المصطفى" جميعًا عن طريق يحيى بن بكير عن ابن لهيعة حدثني عمارة بن غزية عن عباس بن سهل عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إلى خشبة، فلما كثر الناس قيل له: لو كنت جعلت منبرًا؟ قال: وكان بالمدينة نجار واحد، يقال له ميمون، فذكر الحديث] وأما الأقوال الأخرى فلا اعتداد بها لوهائها، ويبعد جدًا أن يجمع بينها بأن النجار كانت له أسماء متعددة وأما احتمال كون الجميع اشتركوا في عمله فيمنع منه قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>