في كثير من الروايات "لم يكن بالمدينة إلا نجار واحد، إلا إن كان يحمل على أن المراد بالواحد الماهر في صناعته، والبقية أعوانه، فيمكن. اهـ
قال الإمام النووي: والرواية التي معنا "انظري غلامك النجار يعمل لي أعوادًا" مخالفة في ظاهرها لرواية جابر في صحيح البخاري "أن المرأة قالت: يا رسول الله، ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه، فإن لي غلامًا نجارًا؟ قال: إن شئت. فعملت المنبر" قال: والجمع بينهما أن المرأة عرضت هذا أولاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم يطلب تنجيز ذلك.
(يعمل لي أعوادًا) "يعمل" مضارع مجزوم في جواب الأمر، أي يعمل لي أعوادًا منبرًا.
(أكلم الناس عليها) "أكلم" بالرفع، أي أكلم الناس وأخطبهم عليها، وفي رواية البخاري "أجلس عليهن". (فعمل هذه الثلاث درجات) قال النووي: هذا مما ينكره أهل العربية والمعروف عندهم أن يقول: ثلاث الدرجات، أو الدرجات الثلاث، وهذا الحديث دليل لكونه لغة قليلة. اهـ.
وفي أبي داود "فاتخذ له منبرًا مرقاتين" وجمع بينهما بأن من قال مرقاتين لم يعتبر الدرجة التي كان يجلس عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(فوضعت هذا الموضع) أي فوضعت الأعواد التي صارت منبرًا هذا الموضع، ووضع تجاه حائط القبلة بينه وبين حائط القبلة قدر ما تمر العنزة، وكان صلى الله عليه وسلم يقوم في الصلاة بجنب المنبر، ولم يكن لمسجده محراب.
(فهي من طرفاء الغابة) وفي رواية للبخاري "من أثل الغابة، و"من أثلة الغابة" ولا تناقض، فقد فسر الخطابي الأثل بالطرفاء، وقال ابن سيده: الأثل يشبه الطرفاء إلا أنه أعظم منه، وهو نبت مستقيم الخشبة، وخشبه جيد يحمل إلى القرى، فيبنى عليه بيوت المدن، وليس له شوك، وتصنع منه القصاع والأواني الصغار والكبار والمكاييل والأبواب، وهو معروف في قرى مصر بالأتل بالتاء، والغابة في الأصل كل شجر ملتف، والمراد بها هنا أرض كانت معروفة بهذا الشجر تقع على بعد تسعة أميال وقيل أربعة أميال من المدينة من طريق الشام. قال البكري: هما غابتان عليا وسفلى.
(ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام عليه) أي وقف عليه للصلاة على مرتفع للتعليم.
(ثم رفع) أي قرأ، ثم ركع، ثم رفع وهو على المنبر.
(فنزل القهقرى)"القهقرى" بالقصر المشي إلى الخلف، وقد رجع بظهره صلى الله عليه وسلم ونزل من أعلى المنبر إلى أصله وهو مستقبل القبلة قال العيني: يقال: رجع القهقرى ولا يقال: نزل القهقرى، لأنه نوع من الرجوع لا من النزول، وصح باعتبار النزول رجوعًا من فوق إلى تحت.