للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا نسيت فذكروني وكأني شككت فبنيت على اليقين، واعتقدت أني صليت ثلاثًا فجئت برابعة في حسباني، وعليكم إذا شككتم، اثنتين صليتم أم ثلاثًا فاجعلوها ثنتين، وإذا شككتم في الثلاث والأربع فاجعلوها ثلاثًا: ثم أتموا صلاتكم، حتى يكون الوهم في الزيادة خيرًا من النقصان، ثم اسجدوا سجدتين، فإن كانت صلاتكم تمامًا كانت السجدتان إذلالاً للشيطان الذي وسوس لكم في صلاتكم، وإن كانت صلاتكم قد زيدت ركعة تجعل الفرد زوجًا مثابًا عليها عند الله إن شاء الله.

ومرة ثالثة سلم من ثنتين في صلاة رباعية، وخرج المتسرعون من المسجد فرحين، يقولون: قصرت الصلاة وأصبح الفرض ثنتين، وجلس المتقون ينظر بعضهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم ينظر إلى بعض في تعجب وترقب، وكان الغضب والانشغال باديًا على وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم، فهابه القوم وكأن على رءوسهم الطير، ولم يطل صلى الله عليه وسلم الجلوس عقب الصلاة كعادته، ولكنه قام إلى جذع نخل يعترض جهة القبلة، فشبك كفيه، ووضع إحداهما على الجذع، وأسند خده على الأخرى، هيئة مزعجة جدًا، يرتجف لها قلوب المقربين منه صلى الله عليه وسلم، ويهابه تلك الحظة بدرجة كبيرة من يهابه في عامة أحواله، ومن أقرب منه من أبي بكر وعمر؟ لقد أطرقا في وجوم. وفي القوم رجل عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ملاطفة ومداعبة وأنسًا، حتى كان يدعوه بذي اليدين لطول في يديه عن المعتاد، فجمع شجاعته، وتقدم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أقصرت الصلاة فصارت ثنتين أم نسيت يا رسول الله؟ قال: لم أنس ولم تقصر. قال: بل نسيت يا رسول الله مادامت لم تقصر. فاتجه صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه قائلاً. أحقًا ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم، وتيقن صلى الله عليه وسلم ما قد نسي، فصلى ركعتين، ثم تشهد، ثم سجد سجدتين، ثم سلم.

-[المباحث العربية]-

(إذا قام يصلي) جملة "يصلي" في محل النصب على الحال من فاعل "قام" والمراد من القيام بدء المباشرة، وليس المراد منه الوقوف، حيث يحصل ذلك أيضًا لمن صلى قاعدًا.

(فلبس عليه) "لبس" بتخفيف فتحة الباء، أي خلط عليه صلاته وشككه فيها، وجعل الحقيقة ملتبسة عليه بغير الحقيقة.

(حتى لا يدري كم صلى)؟ غاية للتلبيس، وجملة الاستفهام [المكونة من مفعول به مقدم وفعل وفاعل] علقت "يدري" عن العمل في اللفظ، وهي في محل نصب سدت مسد مفعولي "يدري".

(فإذا وجد ذلك) التلبيس في صدره.

(إذا نودي بالأذان) في رواية البخاري "إذا نودي للصلاة" وفي رواية أبي داود "إذا نودي بالصلاة" وكلها محمولة على معنى واحد.

(أدبر الشيطان له ضراط) الإدبار ضد الإقبال، يقال: دبر وأدبر إذا ولى والألف واللام في "الشيطان" للعهد، والمراد الشيطان المعهود بالوسوسة والإغراء. وجملة "له ضراط" وقعت حالاً،

<<  <  ج: ص:  >  >>