للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بدون الواو، وفي بعض الروايات "وله ضراط" بالواو على أصل الجملة الإسمية إذا وقعت حالاً. والضراط الريح الذي يخرج من الدبر مع الصوت، قال عياض: يمكن حمله على ظاهره لأن الشيطان جسم وله منفذ يصح خروج الريح منه. والحق أن هذا تمثيل لحال الشيطان عند هروبه من سماع الأذان بحال من اعتراه خطب جسيم فاسترخت مفاصله من الخوف والانزعاج حتى لم يعد يملك نفسه، فينفتح منه مخرج البول والغائط، وقد شاع قولهم: بال على نفسه من الخوف. فشبه حال الشيطان بهذه الحال وأثبت للشيطان الضراط على وجه الادعاء، وفي الحقيقة ما حصل ضراط. وقال الطيبي: شبه شغل الشيطان نفسه عند سماع الأذان بالصوت الذي يحدثه ليملأ به سمعه ليحول دون سماع غيره بالضراط تقبيحًا له، وكان الأصل: أدبر وله صوت كالضراط.

(حتى لا يسمع الأذان) غاية لإدباره، أي أدبر وولى حتى لا يسمع ويحتمل أن تكون غاية لضراطه على قول من يقول بضراط حقيقي، أو غاية للصوت الذي يخرجه على رأي من يقول به. والتحقيق أن هذه الغاية لأجل إدباره، فقد وقع بيان ذلك في رواية لمسلم جاء فيها "حتى يكون مكان الروحاء" والروحاء تبعد عن المدينة نحو ستة وثلاثين ميلاً.

(فإذا قضي الأذان أقبل) "قضي" بالبناء للمجهول، وروي بالبناء للمعلوم، ويكون الفاعل ضميرًا للمؤذن، والقضاء هنا بمعنى الفراغ والانتهاء كما تقول: قضيت حاجتي إذا فرغت منها.

(فإذا ثوب بها أدبر) في رواية البخاري "حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر" أي حتى إذا أقيم للصلاة أدبر حتى لا يسمع التثويب، والتثويب في الأصل الإعلام بالشيء والإنذار بوقوعه، وأصله أن يلوح الرجل لصاحبه بثوبه عند طلب النجدة، ثم كثر استعماله في كل إعلام يجهر به صوت، ثم استعمل في تكرار الإعلام، وسميت الإقامة تثويبًا لأنها عود إلى ما يشبه الأذان، قال القرطبي، وكل مردد صوتًا فهو مثوب، وقيل، من ثاب إلى كذا إذا عاد إليه، والإقامة عود إلى الأذان. ولم يقل هنا "وله ضراط" كما قال في سماع الأذان لأنها تتم بصوت أقل ارتفاعًا منه. وقيل: لأن الشدة في الأول تلحقه في سبيل الغفلة فيكون أعظم، وقيل: اكتفى بذكره في الأول عن ذكره في الثاني. والله أعلم.

(يخطر بين المرء ونفسه) بضم الطاء وكسرها، قال القاضي عياض: والكسر هو الوجه، ومعناه يوسوس، من قولهم: خطر الفحل بذنبه إذا حركه يضرب به فخذيه، وأما الضم فمن المرور، أي يدنو منه فيما بينه وبين قلبه فيشغله عما هو فيه، قال الباجي: فيحول بين المرء وما يريد من محاولة إقباله على صلاته، اهـ. والمراد من النفس القلب، وكذا وقع للبخاري في بدء الخلق، قال العيني: وبهذا التفسير يحصل الجواب عما قيل: كيف يتصور خطوره بين المرء ونفسه، وهما عبارتان عن شيء واحد؟ اهـ. والأولى أن يكون التعبير تمثيلاً لغاية القرب منه.

(اذكر كذا. اذكر كذا) هكذا هو بدون واو العطف في رواية الأكثرين ووقع في رواية بواو العطف.

(لما لم يكن يذكر) أي لشيء لم يكن على ذكره قبل دخوله الصلاة، وفي رواية "لما لم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>