إذا كان سجود السهو قبل السلام، فلا يعيد التشهد وحكى ابن عبد البر عن الليث أنه يعيده، وعن عطاء يتخير، واختلف فيه عند المالكية.
أما من سجد بعد السلام فعند الحنفية يتشهد، وكذا عند أحمد وإسحق وبعض المالكية. ومستندهم إحدى الروايات في حديث عمران، وفيها "أن النبي صلى الله عليه وسلم سها فسجد سجدتين ثم تشهد، ثم سلم" لكن الترمذي قال عن هذا الحديث: حسن غريب، وقال الحاكم عنه: صحيح على شرط الشيخين، وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما، فإن المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد [روايتنا التاسعة عشرة، والعشرين] وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة في هذه القصة: قلت لابن سيرين: في سجدتي السهو تشهد؟ قال: ليس في حديث أبي هريرة، وفي رواية قال: لم أسمع في التشهد شيئًا، لهذا قال ابن المنذر: لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت، لكن قد ورد التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود والنسائي، وعن المغيرة عند البيهقي، وفي إسنادهما ضعف. قاله الحافظ ابن حجر: أما السلام فلا شك في مشروعيته إذا كان سجود السهو قبل سلام الصلاة، أما إذا وقع سجود السهو بعد سلام الصلاة فالقائلون بمشروعية التشهد يقولون بالسلام غير النخعي، فإنه قال يتشهد ولا يسلم.
والصحيح عند الشافعية أنه يسلم ولا يتشهد، وهكذا في سجود التلاوة كصلاة الجنازة، وقد ثبت السلام بسجدتي السهو إذا فعلتا بعد السلام في حديث ابن مسعود وحديث ذي اليدين. وعن أنس والشعبي والحسن وعطاء: ليس فيهما تشهد ولا تسليم.
وجمهور من قال بالتسليم قال: يسلم ثنتين عن يمينه وشماله، وفي المحيط: يسلم واحدة عن يمينه كالجنازة، وقيل: يسلم تلقاء وجهه، فهما روايتان عن مالك.
واستدل الشافعية بالروايات الرابعة والخامسة والسادسة على الاكتفاء بسجدتين للسهو في الصلاة، ولو تكرر السهو، من حيث إن الذي فات في هذه القصة الجلوس والتشهد الوسط، وكل منهما لو سها المصلي عنه على انفراده سجد لأجله، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم سجد في هذه الحالة غير سجدتين. قال الحافظ ابن حجر: وتعقب هذا الاستدلال بأنه مبني على ثبوت مشروعية السجود لترك أي من التشهد الوسط والجلوس له، ولم يستدلوا على مشروعية ذلك بغير هذا الحديث، فيستلزم إثبات الشيء بنفسه. وفيه ما فيه وقد صرح في بقية الحديث بأن السجود مكان ما نسي من الجلوس. نعم حديث ذي اليدين دال لذلك. اهـ
وروى ابن أبي شيبة عن النخعي والشعبي أن لكل سهو سجدتين قال الحافظ ابن حجر: وورد على وفقه حديث ثوبان عند أحمد وإسناده منقطع وروى البيهقي من حديث عائشة "سجدتا السهو تجزئان من كل زيادة ونقصان".
٥ - (أ) وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية "فإذا لم يدر أحدكم كم صلى فليسجد سجدتين وهو جالس" يفيد أن ليس عليه إلا سجدتا السهو، وهذا يتعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية السابعة "إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى؟ ثلاثًا أم أربعًا؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان" ومع قوله في الرواية