٣ - استدل بقيامه صلى الله عليه وسلم في الرواية الرابعة، وعدم عودته للتشهد الوسط أن التشهد الوسط ليس واجبًا، لأن سجود السهو لا ينوب عن الواجب، وقد ناب عنه. فليس بواجب. وممن قال بوجوبه الليث وإسحق وأحمد في المشهور، وهو قول للشافعي ورواية عند الحنفية. واحتج بعضهم لوجوبه بأن الصلاة فرضت أولاً ركعتين، وكان التشهد فيها واجبًا، فلما زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك الواجب، وأجيب بأن الزيادة لم تتعين في الركعتين الأخيرتين، بل يحتمل أن يكون هما الفرض الأول، والمزيد هما الركعتان الأوليان بتشهدهما، ويؤيده استمرار السلام بعد التشهد الأخير كما كان: قاله الحافظ ابن حجر. وجمهور الفقهاء على أن من نسي التشهد الوسط وقام لا يرجع إلى الجلوس إن استتم قائمًا، وقالت طائفة: إذا فارقت إليته الأرض لا يرجع، فإن رجع قيل: بطلت صلاته، وقيل: لا تبطل.
٤ - استدل بقيام الناس معه صلى الله عليه وسلم تاركين التشهد الوسط على أن متابعة الإمام عند القيام من هذا الجلوس واجبة.
٥ - استدل أبو حنيفة بقوله في الرواية الرابعة "فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه" على أن السلام ليس من الصلاة، حتى لو أحدث بعد أن جلس وقبل أن يسلم صحت صلاته، وتعقب بأن السلام لما كان للتحليل من الصلاة كان المصلي إذا انتهى إليه كمن فرغ من صلاته، ويدل على ذلك رواية ابن ماجه "حتى إذا فرغ من الصلاة إلا أن يسلم" فدل أن بعض الرواة حذف الاستثناء لوضوحه، والزيادة من الحافظ مقبولة.
٦ - يؤخذ من قوله في الرواية الخامسة "وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس" أن المؤتم يسجد مع إمامه لسهو الإمام، وقد ذهب الحنفية والشافعية إلى أن المؤتم يسجد لسهو الإمام ولا يسجد لسهو نفسه.
٧ - كما يؤخذ منه أن السجود خاص بالسهو، فلو تعمد ترك شيء مما يجبر بالسجود لا يسجد، وهو قول الجمهور، ورجحه الغزالي وجماعة من الشافعية.
٨ - يؤخذ من الرواية الثانية أن الإمام يرجع لقول المأمومين في أفعال الصلاة ولو لم يتذكر، وبه قال مالك وأحمد وغيرهما، ومنهم من قيده بما إذا كان الإمام مجوزًا لوقوع السهو منه، بخلاف ما إذا كان متحققًا لخلاف ذلك ومن حجتهم قوله في حديث ابن مسعود "فإذا نسيت فذكروني" وذهب الشافعية إلى أنه لا يجوز للمصلي الرجوع في قدر صلاته إلى قول غيره، إمامًا كان أو مأمومًا، ولا يعمل إلا على يقين نفسه، ويجيبون عن الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذي اليدين سألهم ليتذكر، فلما ذكروه تذكر فعلم السهو، فبنى عليه، لا أنه رجع إلى مجرد قولهم، ولو جاز ترك يقين نفسه والرجوع إلى قول غيره لرجع ذو اليدين حين قال النبي صلى الله عليه وسلم "لم تقصر ولم أنس". وفرق بعضهم بين ما إذا كان المخبرون ممن يحصل العلم بخبرهم فيقبل ويقدم على ظن الإمام أنه كمل الصلاة، بخلاف غيرهم.
٩ - يؤخذ من قوله في الرواية الثامنة "إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به" أن البيان لا يؤخر عن وقت الحاجة.