للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية الترمذي "ثم قرأها في الجمعة الثانية، فتهيأ الناس للسجود فقال: إنها لم تكتب علينا إلا أن نشاء فلم يسجد، ولم يسجدوا".

وفي رواية البيهقي "ثم قرأ يوم الجمعة الأخرى، فتهيئوا للسجود، فقال عمر: على رسلكم. إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، وقرأها ولم يسجد ومنعهم".

فقوله "ومن لم يسجد فلا إثم عليه" دليل على عدم الوجوب، وقوله "إلا أن نشاء" دليل على أن المرء مخير في السجود، فيكون ليس بواجب.

ثم قالوا: إن عمر قال هذا القول والصحابة حاضرون، ولم ينكر عليه أحد والإجماع السكوتي حجة عند الجمهور.

(٢) كما احتجوا بحديث زيد بن ثابت [روايتنا الرابعة] وفيها أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم {والنجم إذا هوى} فلم يسجد" ولفظ البخاري عن زيد قال: "قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم "والنجم" فلم يسجد فيها".

(٣) وبحديث الأعرابي "هل على غيرها؟ قال: لا: إلا أن تطوع" متفق عليه.

(٤) وبما رواه البخاري معلقًا، وقال: قال سلمان: ما لهذا غدونا، ووصله ابن أبي شيبة عن أبي عبد الرحمن قال: دخل سلمان الفارسي المسجد وفيه قوم يقومون، فقرءوا سجدة فسجدوا، فقال له صاحبه: يا أبا عبد الله لو أتينا هؤلاء؟ فقال: ما لهذا غدونا. وذهب أبو حنيفة إلى وجوبها على التالي والسامع سواء قصد السماع أو لم يقصد، واستدل له صاحب الهداية بما روي "السجدة على من سمعها، السجدة على من تلاها" ثم قال: "على" للإيجاب، ورد بأن هذا الحديث لم يثبت. واستدل أيضًا بالآيات {فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون} [الانشقاق: ٢٠، ٢١] {فاسجدوا لله واعبدوا} [النجم: ٦٢]. {واسجد واقترب} [العلق: ١٩] وقالوا: الذم لا يتعلق إلا بترك واجب، والأمر في الآيتين للوجوب.

والأمر هين في هذا الخلاف، فبعد أن عرفنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في مواضع السجود عرفنا أن السجود مشروع مؤكد وما يطلق عليه الحنفية لفظ الواجب قريب من السنة المؤكدة، والكل مجمع على أنه ليس بفرض، فقد روى البخاري "زاد نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء"، وما كان الصحابة يفرقون بين الواجب والفرض، والتفرقة هنا اصطلاح للحنفية، فيمكن حمل قولهم بالوجوب على السنة المؤكدة. والله أعلم.

أما مواضع السجود في القرآن فخمسة عشر موضعًا على خلاف في بعضها سيأتي:

١ - بعد آخر آية في سورة الأعراف، بعد قوله تعالى: {إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون}

<<  <  ج: ص:  >  >>