للهوي ولا للرفع، وهو ضعيف شاذ، وإذا رفع رأسه من السجود قام ولا يجلس للاستراحة، فإذا قام استحب أن يقرأ شيئًا ثم يركع، فإن انتصب قائمًا، ثم ركع بلا قراءة جاز، ولا خلاف في وجوب الانتصاب قائمًا، فإن قام من السجود إلى وضع الركوع ولم ينتصب لم يجز، لأن الهوي إلى الركوع من القيام واجب.
وإن كان في غير صلاة كبر للإحرام، ويرفع يديه في هذه التكبيرة حذو منكبيه كما يفعل في تكبيرة الإحرام في الصلاة، ثم يكبر تكبيرة أخرى للهوي من غير رفع يديه، وتكبيرة الهوي مستحبة، وتكبيرة الإحرام شرط على الصحيح، وقيل: مستحبة، وهل يستحب لمن أراد سجود التلاوة وهو جالس أن يستوي قائمًا فينوي ويكبر؟ الأصح أنه لا يستحب.
ويستحب أن يقول في سجوده ما مدحه القرآن {سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا}[الإسراء: ١٠٨] سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته. اللهم اكتب لي بها عندك أجرًا، وضع عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك ذكرًا، وتقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود.
ويراعى في صفات السجود ما يراعى في سجود الصلاة من كشف الجبهة ووضع اليدين والركبتين والقدمين والأنف ومجافاة المرفقين عن الجنبين ورفع أسافله على أعاليه، وتوجيه أصابعه إلى القبلة وغير ذلك. والطمأنينة ركن والذكر مستحب. ثم يرفع رأسه مكبرًا. وهذا التكبير مستحب، وهل السلام شرط لصحة السجود؟ قولان مشهوران. نص الشافعي على أنه لا يسلم.
ولا يكره للإمام قراءة السجدة، كما لا يكره للمنفرد سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، ويسجد متى قرأها، وقال مالك: يكره مطلقًا، والرواية الثامنة ترد عليه، وقال ابن حبيب: لا يقرأ الإمام السجدة فيما يسر به، ويقرؤها فيما يجهر به. وقال أبو حنيفة: يكره في السرية دون الجهرية قال العيني: قال شيخنا زين الدين: هذا مشكل مع قول الحنفية بوجوب سجود التلاوة، فإن كان يقول: إنه لا يسجد لقراءتها كما حكاه البيهقي عنه. فهو مشكل، وإن قال: إنه لا يقرأ آية للسجدة - كما حكاه ابن العربي عنه فهو أقرب، إلا أن الحنفية قالوا: إنه يكره أن يقرأ السورة التي فيها السجدة ولا يسجد فيها في صلاة كان أو في غيرها لأنه كالاستنكاف عن السجود، فالاحتياط أن لا يقرأ في الصلاة السرية سورة فيها سجدة، وقال صاحب البحر: وعلى مذهبنا يستحب تأخير السجود في السرية حتى يسلم، لئلا يشوش على المأمومين.
ولا يكره سجود التلاوة في أوقات النهي عن الصلاة، وبه قال أبو حنيفة وأصحاب الرأي ومالك في رواية عنه، وقالت طائفة يكره.
ولا يقوم الركوع مقام السجود في حال الاختيار عند الجمهور، وقال أبو حنيفة يقوم مقامه مستدلاً بقوله تعالى:{وخر راكعًا وأناب}[ص: ٢٤] وقد حمله المفسرون والجمهور على السجود، اهـ وهل يشرع السجود لمن كتب آية سجدة، أو وقعت عينه عليها مكتوبة؟ لم أر فيها نصًا، والظاهر أنه يشرع، قياسًا على من سمع دون تسمع، والله أعلم.