نفسها؟ وكما هو ظاهر الرواية الثامنة والرواية التاسعة. قال القاضي عياض: الإفراد أولى. قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن كلا الأمرين حسن، إلا أن الإفراد يتميز بأمر آخر، وهو أن الذاكر يحتاج إلى العدد، وله على كل حركة توصل إلى ذلك - سواء كان بأصابعه أو بغيرها - ثواب لا يحصل لصاحب الجمع منه إلا الثلث.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-
١ - قال ابن دقيق العيد: يؤخذ من حديث ابن عباس [روايات عمرو بن دينار] أنه لم يكن هناك مبلغ جهير الصوت يسمع من بعد.
٢ - وفي إيراد مسلم لهذا الحديث دليل على أنه كان يرى صحة الحديث ولو أنكره راويه إذا كان الناقل عنه عدلاً، ولا شك أن عمرو بن دينار كان عدلاً.
ولأهل الحديث فيه تفصيل: قالوا: إن أنكر الراوي روايته جاحدًا ومكذبًا للفرع، وجازمًا ومصرحًا بتكذيب الفرع، فالاتفاق على رده، إذ ليس قبول أحدهما بأولى من الآخر، وإن لم يجزم بالرد، كأن قال: لا أذكر فالجمهور على قبوله، وإن جزم بالرد، ولم يصرح بالتكذيب، كأن قال: لم أرو هذا، أو لم أحرفه فالراجح عند المحدثين قبوله، أما الفقهاء فاختلفوا، فذهب الجمهور في هذه الصورة إلى القبول، ونسيان الأصل لا يقدح فيه، كما لو جن أو مات، وعن بعض الحنفية ورواية عن أحمد لا يقبل.
وللإمام فخر الدين في المحصول في هذه المسألة تقسيم جيد. قال: الراوي الفرع إما أن يكون جازمًا بالرواية أولاً، فإن كان جازمًا فالأصل إما أن يكون جازمًا بالإنكار أو لا. فإن كان كل منهما جازمًا فقد تعارضا، فلا يقبل الحديث، وإن كان الفرع جازمًا والأصل غير جازم قبل، وإن كان الفرع غير جازم والأصل جازمًا تعين الرد، وإن كان كل منهما غير جازم تعارضا، ولم يقبل. ومحصل كلامه أنهما إن تساويا فالرد، وإن رجح أحدهما عمل به. وهذا الحديث مما رجح فيه الفرع. والله أعلم.
٣ - ومن حديث عائشة [الرواية الثانية من الباب الثاني] من قولها "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام" أخذ بعضهم كراهة مكث الإمام في مصلاه، وقال ابن بطال عن الجمهور: لا يمكث الإمام إذا كان إمامًا راتبًا إلا أن يكون مكثه لعلة كأن يشعر المأمومين بالانتظار حتى ينصرف النساء، قال: وهو قول الشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: كل صلاة يتنفل بعدها يقوم، وحمل حديث عائشة على هذه الحالة، وما لا يتنفل بعدها كالعصر والصبح فهو مخير، وقال أبو محمد من المالكية: يتنفل في الصلوات كلها، ليتحقق المأموم أنه لم يبق عليه شيء من سجود السهو ولا غيره، وقال ابن مسعود "كان صلى الله عليه وسلم إذا قضى صلاته انتقل سريعًا، إما أن يقوم وإما أن ينحرف"، وقال ابن عمر: الإمام إذا سلم قام، وقال عمر رضي الله عنه: جلوس الإمام بعد السلام بدعة، وعن ابن عباس