للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(بأبي أنت وأمي) الجار والمجرور متعلق بمحذوف اسم أو فعل في محل الخبر، و"أنت" مبتدأ مؤخر، والتقدير: أنت مفدي بأبي وأمي، أو أنت أفديك بأبي وأمي.

(أرأيت سكوتك) "سكوتك" مفعول "أرأيت".

(ما تقول)؟ "ما" اسم استفهام مبتدأ، والجملة بعده خبره، والرابط محذوف أي ما تقول فيه؟ وجملة الاستفهام في محل المفعول الثاني لـ "أرأيت" والمعنى أخبرني عما تقول في سكوتك بين التكبير والقراءة، فإن قيل إن السكوت مناف للقول، فكيف يصح أن يقال: ما تقول في سكوتك؟ أجيب بأنه سكوت ظاهري وقول خفي، ولعل السائل استدل عليه بحركة الفم، كما استدل غيره على قراءة القرآن في الظهر والعصر باضطراب اللحية.

(اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب) "باعد" بمعنى أبعد، والمفاعلة أفادت المبالغة والتكثير، و"ما" في "كما باعدت" مصدرية، والتقدير: كمباعدتك بين المشرق والمغرب، وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل، فكأنه أراد ألا يبقى للخطايا منه اقتراب بالكلية، فإن كان يراد بالخطايا الخطايا اللاحقة فمعناه إذا قدر لي ذنب واحتمل وقوعه فباعد بيني وبين وقوعه، وإن كان يراد بها السابقة فمعناه المحو والغفران، وهذا معنى قول الحافظ ابن حجر: المراد بالمباعدة محو ما حصل منها والعصمة عما سيأتي منها، وفي الكلام مجاز لأن حقيقة المباعدة في الزمان والمكان، وتكرير لفظ "بين" في قوله "بيني وبين خطاياي" لأن العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الخافض. قاله الكرماني.

(اللهم نقني من خطاياي) التنقية مجاز عن إزالة الذنوب ومحو أثرها.

(كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس) الدنس الوسخ، واختار الثوب الأبيض لأن الدنس القليل يظهر فيه، وإذا نقي كان أظهر الألوان.

(اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) رواية البخاري "اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد" والبرد حب صغير متجمد من البرودة قال الخطابي: ذكر الثلج والبرد بعد ذكر الماء تأكيد، أو لأنهما ماءان لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال، وقال ابن دقيق العيد: عبر بذلك عن غاية المحو، فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء وقال الكرماني: جعل الخطايا بمنزلة نار جهنم، لأنها مستوجبة لها، فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل تأكيدًا في الإطفاء، وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيًا عن الماء إلى أبرد منه، وهو الثلج، ثم إلى أبرد من الثلج وهو البرد. بدليل جموده، لأن ما هو أبرد فهو أجمد، وأما تثليث الدعوات [اللهم ... اللهم ... اللهم ... ] فيحتمل أن يكون نظرًا إلى الأزمنة الثلاثة، فالمباعدة للمستقبل والتنقية للحال والغسل الماضي.

(استفتح القراءة بالحمد للَّه رب العالمين) الباء حرف جر "الحمد لله" برفع الحمد على الحكاية فهو مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>