و"عليكم" اسم فعل بمعنى الزموا وفي رواية البخاري "وعليكم بالسكينة" بالباء الزائدة الداخلة على المفعول ومثلها كثير في الأحاديث الصحيحة كقوله "عليكم برخصة الله". "فعليه بالصوم". "وعليكم بقيام الليل" وفي الرواية الرابعة "وعليه السكينة والوقار" قال القاضي عياض والقرطبي: هما بمعنى واحد، وجمع بينهما للتأكيد، وقال: والظاهر أن بينهما فرقًا، وأن السكينة التأني في الحركات واجتناب العبث ونحو ذلك، والوقار في الهيئة وغض البصر وخفض الصوت والإقبال على طريقه من غير التفات ونحو ذلك.
(فما أدركتم فصلوا) الفاء الأولى في جواب شرط محذوف، أي إذا فعلتم ما أمرتكم به من السكينة والوقار فما أدركتم [أي فالقدر الذي أدركتموه في الصلاة مع الإمام] فصلوا معه.
(وما فاتكم فأتموا) لفظ الإتمام يقع على باق من شيء قد تقدم أكثره أو بعضه، فظاهره أن ما أدركه هو أول الصلاة، وما فاته هو آخرها وتكملتها. لكن في الرواية الرابعة "صل ما أدركت واقض ما سبقك" ومعناها في المتبادر أن ما أدركه هو آخر الصلاة وما فاته هو أولها عليه قضاؤه، والحكم يختلف على المعنيين كما سيأتي في فقه الحديث.
(فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة) أي يقصدها ويتحرك لها.
(فهو في صلاة) أي في ثواب صلاة وفي أجر صلاة، ولا بد من تقدير هذا المضاف لأنه لا يكون في صلاة فعلية.
(بينما نحن نصلي ... )"بينما" أصله "بين" زيدت عليه الميم والألف، وربما تزاد الألف فقط، فيقال "بينا" وهي ظرف الزمان بمعنى المفاجأة، ويضاف إلى جملة من فعل وفاعل، أو من مبتدأ وخبر، ويحتاج إلى جواب يتم به المعنى ويصدر بإذ، أو "إذا" أو الفاء، وبدون شيء من ذلك أكثر.
(فسمع جلبة) جواب "بينما" وفي رواية البخاري "إذ سمع جلبة رجال" وفي رواية له "جلبة الرجال" أي أصواتًا لحركتهم وكلامهم واستعجالهم.
(استعجلنا إلى الصلاة) السين والتاء للطلب أو للصيرورة، أي طلبنا من أنفسنا العجلة إلى الصلاة، أو صرنا عجلين إلى الصلاة.
(قال: فلا تفعلوا) الفاء في جواب شرط مقدر، أي إذا تأخرتم فلا تفعلوا العجلة والإسراع، والنهي عن الاستعجال بلفظ النهي عن الفعل فيه مبالغة، لأنه من العام الذي يدخل ضمنه الخاص. كذا قيل.