(فبدد لي عطاء بين أصابعه شيئًا من تبديد) أي فرق أصابعه بعض التفريق.
(ثم وضع أطراف أصابعه على قرن الرأس) قرن الرأس بسكون الراء جانبها.
(ثم صبها) قال النووي: هكذا هو في أصول روايتنا. قال القاضي: وضبطه بعضهم "قلبها" وفي البخاري "ضمها" والأول هو الصواب قال عياض: لأنه يصف عصر الماء من الشعر باليد. اهـ. وهذا المعنى يتأتى في رواية ضم الأصابع وبينها الشعر.
(لا يقصر ولا يبطش بشيء إلا كذلك)"لا يقصر" من التقصير، أي لا يبطئ، وفي بعض نسخ البخاري "لا يعصر" بالعين، أي لا يعصر عصرًا خفيفًا ولا يبطش أي ولا يسرع ولا يعصر عصرًا شديدًا. أي برفق ولين غير متعجل وغير متراخ.
(كم - ذكر لك - أخرها النبي صلى الله عليه وسلم ليلتئذ)؟ جملة "ذكر لك" مؤخرة من تقديم لأن الاستفهام له الصدارة، وتمييز "كم" محذوف. أي (ذكر لك) كم ساعة أخرها النبي صلى الله عليه وسلم؟ والتنوين في "ليلتئذ" عوض عن المضاف إليه، أي ليلة إذ أخرها النبي صلى الله عليه وسلم.
(لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم) قال الطيبي: يقال غلبه على كذا إذا غصبه وأخذه منه قهرًا، والمعنى لا تتعرضوا لما هو من عاداتهم من تسمية العشاء بالعتمة، فيغصب منكم الأعراب اسم العشاء التي سماها اللَّه تعالى بها فالنهي على الظاهر للأعراب، وعلى الحقيقة لهم. اهـ والأعراب أهل البادية.
(وهم يعتمون بالإبل) أي يؤخرون حلب الإبل إلى شدة الظلام، فمن أجل ذلك يسمون العشاء العتمة.
(فإنها في كتاب اللَّه العشاء) في قوله تعالى: {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم}[النور: ٥٨].
-[فقه الحديث]-
في تفضيل تعجيل صلاة العشاء أو تأخيرها ثلاثة آراء:
الأول: أن تعجيلها أفضل مطلقًا، وهو قول الشافعي في القديم، ودليله عموم قوله صلى الله عليه وسلم في أفضل الأعمال:"الصلاة لوقتها" أي الصلاة لأول وقتها، وفي رواية "أحب الأعمال إلى اللَّه عز وجل الصلاة لأول وقتها" ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها، وإنما أخرها ليلة واحدة أو ليلتين، ولو كان التأخير أفضل لواظب عليه صلى الله عليه وسلم ولو كان فيه مشقة، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يواظب إلا على الأفضل، ثم إن ظاهر أحاديث التأخير أنه كان لشغل شغله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن المستحب تأخير صلاة العشاء إلى ما قبل الثلث، وقيل: إلى الثلث وبه قال مالك