للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي فضل صلاة الليل تتحدث الروايات السبع الأخيرة من روايات الباب، وهي وإن كانت في فضل الطاعة بالليل بصفة عامة فإن خير الطاعات الصلاة، وقد ساقها الإمام مسلم تحت الباب دليلاً على الترغيب في صلاة الليل وفضلها.

وفي البخاري: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال عن عبد اللَّه بن عمر: "نعم الرجل عبد اللَّه لو كان يصلي من الليل". فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً. وعن أبي هريرة: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".

وفي عدد ركعات صلاة الليل تصرح الرواية الأولى والثانية والخامسة بأنها إحدى عشرة ركعة منها الوتر واحدة، وفي الرواية الرابعة والسادسة والسابعة والثامنة أنها ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر، فهذه الروايات في مجموعها تتفق على أنها عشر ركعات.

أما الرواية التاسعة عشرة فتحكي صلاته صلى اللَّه عليه وسلم في آخر حياته بعدما بدن وزاد لحم جسمه وأنه صلاها ثماني ركعات، وكأنه اختصر العدد ركعتين. وجاء في البخاري عن عائشة: أن صلاته صلى اللَّه عليه وسلم بالليل سبع وتسع. وكأنه اختصر العدد ركعتين أخريين.

قال النووي: "قال القاضي: قال العلماء: في هذه الأحاديث إخبار كل واحدٍ من ابن عباس وزيدٍ وعائشةٍ بما شاهد، وأما الاختلاف في حديث عائشة فقيل: هو منها، وقيل: من الرواة عنها. فيحتمل أن إخبارها بإحدى عشرة هو الأغلب، وباقي رواياتها إخبار منها بما كان يقع نادرًا في بعض الأوقات، فأكثره خمس عشرة بركعتي الفجر، وأقله سبع، وذلك بحسب ما كان يحصل من اتساع الوقت، أو ضيقه بطول قراءة، أو لنوم، أو عذر، أو مرض أو غيره، أو في بعض الأوقات عند كبر السن، أو تارةً تَعدُّ الركعتين الخفيفتين في أول قيام الليل، وتارةً تَعدُّ ركعتي الفجر، وتارةً تحذفهما، وقد تكون عدَّت راتبة العشاء مع ذلك تارةً وحذفتها تارة. قال القاضي: ولا خلاف أنه ليس في ذلك حد لا يزاد عليه، ولا ينقص منه، وأن صلاة الليل من الطاعات التي كلما زاد فيها زاد الأجر، وإنما الخلاف في فعل النبي صلى الله عليه وسلم وما اختاره لنفسه". واللَّه أعلم

وفي كيفية أدائها تصرح الروايات السادسة والعشرون، والسابعة والعشرون، والثامنة والعشرون، والتاسعة والعشرون، والسادسة والثلاثون، والسابعة والثلاثون، والثامنة والثلاثون، بأنها مثنى مثنى، وفي الرواية الثامنة والثلاثين يفسر ابن عمر معنى مثنى بأنه يسلم في كل ركعتين، وبذلك تصرح الرواية الثانية من روايات الباب.

أما الرواية الخامسة فلفظها: "يصلي أربعًا ... ثم يصلي أربعًا ... ثم يصلي ثلاثًا". وهذه الرواية يمكن فهمها على أن الأربع على دفعتين بتسليمتين، وأن الثلاث كذلك، والغرض من التعبير أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان يستريح بين كل أربع. وكذلك الرواية السادسة في لفظها: "يصلي ثمان ركعات". يمكن أن تكون مثنى مثنى. وكذلك قولها في الرواية الثامنة: "عشر ركعات".

أما الرواية التاسعة عشرة فلا يمكن حملها على هذه الحالة، إذ لفظها: "فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر اللَّه ويحمده ويدعوه [أي يتشهد] ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد، فيذكر اللَّه ويحمده ويدعوه، ثم يسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>