للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذه المسألة يقول النووي: "إن جمع الركعات بتسليمة واحدة لبيان الجواز، وإلا فالأفضل التسليم في كل ركعتين، وهو المشهور من فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأمره بصلاة الليل مثنى مثنى". اهـ.

وفي أفضل الأوقات لصلاة الليل تقول الرواية التاسعة: "كان ينام أول الليل ويحيي آخره". وتقول الرواية الأربعون: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل". وفي ذلك دليل على أن قيام الليل في الثلث الأخير أفضل، ويقوي هذا الرواية السادسة والأربعون، وفيها: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ ومن يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟ ". وقريب منها الرواية الثامنة والأربعون والتاسعة والأربعون.

هذا من حيث أفضل الأوقات وأما من حيث الجواز فإن الرواية السابعة عشرة صريحة فيه، ولفظها: "من كل الليل قد أوتر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من أول الليل وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر".

أما في حكم صلاة الوتر فإن الرواية الثانية والثلاثين، ولفظها: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا". قد استدل بها بعض من قال بوجوب الوتر، قال الحافظ ابن حجر: "وتعقب بأن صلاة الليل ليست واجبة، فكذا آخره، وبأن الأصل عدم الوجوب حتى يقوم دليله".

قال القاضي أبو الطيب: "إن العلماء كافة قالت: إنه سنة، حتى أبو يوسف ومحمد، قال أبو حنيفة وحده: هو واجب وليس بفرض. وقال أبو حامد في تعليقه: الوتر سنة مؤكدة، ليس بفرض ولا واجب، وبه قالت الأئمة كلها إلا أبا حنيفة".

وقد دافع البدر العيني في كتابه عمدة القاري، ورد على ما سبق فقال: "هذا كله من آثار التعصب، وهذا الكلام ليس بصحيح ولا قريب من الصحة، وأبو حنيفة لم ينفرد بذلك، هذا القاضي أبو بكر بن العربي ذكر عن سحنون وأصبغ بن الفرج وجوبه، وحكى ابن حزم أن مالكًا قال: من تركه أُدِّب، وكانت جُرحةً في شهادته. وحكاه ابن قدامة في المغني عن أحمد. وفي المصنف عن مجاهد بسند صحيح: هو واجب ولم يكتب. وحكى ابن بطال وجوبه على أهل القرآن. ثم استدل العيني بأحاديث لم تخل من مقال، وأطال الدفاع عن وجوب الوتر مما لا يتسع له هذا البحث، فمن أراده فليرجع إليه.

وفي عدد ركعات الوتر نقول: الرواية الأولى، والثانية، والثامنة، والسادسة والعشرون، والسابعة والعشرون، والثامنة والعشرون، والتاسعة والعشرون، والرابعة والثلاثون، والسابعة والثلاثون، والثامنة والثلاثون، صريحة في أن الوتر ركعة، وألفاظها على الترتيب: "يوتر منها بواحدة". "ويوتر بواحدة". "ويوتر بسجدة". "فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى". "فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة". "فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة". "فإذا خشيت الصبح فصل ركعة". "ركعة من آخر الليل". "فإن أحس أن يصبح سجد سجدة فأوترت له ما صلى". "ويوتر بركعة". "فإذا رأيت أن الصبح يدركك فأوتر بواحدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>