شناقها فتوضأ وضوءًا بين الوضوءين، ثم أتى فراشه فنام، ثم قام قومة أخرى فأتى القربة فحل شناقها ثم توضأ وضوءًا هو الوضوء". فهذا ظاهر في الوضوءين والقصة واحدة، ومن الصعب حمل الوضوء هنا على غسل الوجه واليدين فقط، ولا يمنع من كون العبارة كناية عن الوضوء ما جاء في الرواية السادسة من قوله: "ثم غسل وجهه وكفيه". إذ يمكن حمله على أنه من باب ذكر الجزء وإرادة الكل.
(فأتى القربة فأطلق شناقها) بكسر الشين وتخفيف النون ثم قاف وهو رباط القربة الذي يربط به عنقها، وقيل: هو الحبل الذي يربط به القربة في الوتد. والأول أولى. قاله ابن حجر.
وفي الرواية الثانية: "ثم قام إلى شن معلقة". وفي الرواية الخامسة: "فتوضأ من شن معلق". والشن بالشين والنون، قال أهل اللغة: هي القربة القديمة الخلق وجمعه شنان، وهو مذكر، وتأنيثه في الرواية الثانية على إرادة القربة، وتذكيره على إرادة الإناء أو السقاء، وفي ملحق الرواية الثانية: "ثم عمد إلى شجب من ماء". وهو بفتح الشين وجيم ساكنة بعدها باء وهو السقاء الخلق. وقيل: الأشجاب الأعواد التي تعلق عليها القربة، والأول أولى.
(فتوضأ وضوءًا بين الوضوءين) قال النووي: يعني لم يسرف ولم يقتر وكان بين ذلك قوامًا. اهـ.
وقد فسره في الرواية الأولى بقوله: "لم يكثر وقد أبلغ". وقد وصف هذا الوضوء بالحسن في الرواية الثانية، ووصف بالخفة في الرواية الخامسة "وضوءًا خفيفًا". ووصفه في ملحق الرواية السادسة بقوله: "فتوضأ ولم يكثر من الماء ولم يقصر في الوضوء". قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون قلل من الماء مع التثليث أو اقتصر على دون الثلاث. اهـ. والأولى أن يكون قلل من الماء مع التثليث لوصفه بالحسن وعبارة ملحق الرواية السادسة: "لم يكثر من الماء ولم يقصر في الوضوء". ترجح ما نقول.
(فقمت فتمطيت) في الرواية الثانية: "فقمت فصنعت مثل ما صنع". وفي الرواية التاسعة: "فقمت لما رأيته صنع ذلك فتوضأت". لكن في ملحق الثانية: "ثم حركني فقمت". ولا تناقض؛ لأنه تمطى فحركه صلى الله عليه وسلم فقام.
(كراهية أن يرى أني كنت أنتبه له) قال النووي: هكذا ضبطناه، وهكذا هو في أصول بلادنا "أنتبه" بنون ثم تاء ثم باء، ووقع في البخاري "أنقبه" بموحدة ثم قاف، ومعناه أرقبه وهو بمعنى أنتبه له. كذا في شرح النووي على مسلم. والذي في فتح الباري شرح البخاري: "أتقيه" بتاء وقاف مكسورة. قال الخطابي: أي أرقبه. وفي رواية "أنقبه" بفتح النون وتشديد القاف المكسورة بعدها باء من التنقيب، وفي رواية القابسي "أبغيه" بباء ساكنة بعدها غين مكسورة بعدها ياء، أي أطلبه، وللأكثر "أرقبه". اهـ