به في رواية البخاري وهو لفظ "صاحب": إذ فيها: "كمثل صاحب الإبل المعقلة". ويشير إلى هذا المحذوف في روايتنا قوله:"إن عاهد عليها أمسكها". والمعنى: إنما مثل صاحب القرآن مع القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة مع إبله المعقلة، ومعنى صاحب القرآن الذي ألفه، أي ألف تلاوته نظرًا من المصحف أو عن ظهر قلب، فإن الذي يداوم على ذلك يذل لسانه ويسهل عليه قراءته ويألفه، فالمصاحبة المؤالفة، ومنه: فلان صاحب فلان، وأصحاب الجنة، وأصحاب النار، وأصحاب الحديث، وأصحاب إبل وغنم، وصاحب كنز، وصاحب عبادة. ذكره النووي.
و"المعقلة" بضم الميم وفتح العين وتشديد القاف، أي المشدودة بالعقال، وهو الحبل الذي يشد في ركبة البعير ليمنعه من القيام. قال الحافظ ابن حجر: شبه درس القرآن واستمرار تلاوته بربط البعير الذي يخشى منه الشراد، فما دام التعاهد موجودًا فالحفظ موجود، كما أن البعير مادام مشدودًا بالعقال فهو محفوظ، وخص الإبل بالذكر لأنها أشد الحيوان الإنسي رغبة في النفور، وفي تحصيلها بعد تمكن نفورها صعوبة. اهـ فالتشبيه تشبيه تمثيل، بمعنى أننا شبهنا هيئة صاحب القرآن من حيث مداومته على القراءة أو تركها بهيئة صاحب الإبل من حيث مداومته عقل إبله أو فكها بجامع الحفظ في حالة والضياع في حالة أخرى. وقيل: إنه تشبيه مركب فحامل القرآن شبه بصاحب الناقة والقرآن شبه بالناقة، والحفظ شبه بالربط. وهذا القول بعيد، لعدم المناسبة والمشابهة بين القرآن والناقة.
(إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت) هذه تتمة أوصاف صاحب الإبل، ويشبهه فيها صاحب القرآن، والزيادة في الرواية الثالثة توضح ذلك وهي:"وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإذا لم يقم به نسيه". وتعاهد الشيء تجديد العهد به، وتعاهد القرآن ملازمة تلاوته، ومعنى "أمسكها" استمر في إمساكها.
(بئسما لأحدهم يقول)"بئس" فعل جامد غير متصرف يفيد الذم، يرفع فاعلاً ظاهرًا معرفًا بأل نحو بئس الرجل زيد، أو مضافًا لمعرف بأل نحو بئس أخو القوم زيد، و"زيد" في هاتين الحالتين مخصوص بالذم خبر مبتدأ محذوف. أي المذموم زيد. كما ترفع فاعلاً مضمرًا مفسرًا باسم نكرة منصوبة على التمييز نحو بئس رجلاً زيد. و"ما" في مثل هذا الحديث تحل محل الاسم النكرة والتقدير بئس هو شيئًا، والمخصوص بالذم "يقول" فعل مسبوك بمصدر من غير سابك، وقد صرح بحروف المصدر في الرواية السادسة، ولفظها:"بئسما الرجل أن يقول". أي المذموم قوله كذا.
(نسيت آية كيت وكيت)"نسيت" بفتح النون وكسر السين مخففة باتفاق. و"كيت وكيت" كما قال القرطبي: يعبر بهما عن الجمل الكثيرة والحديث الطويل، ومثلهما "ذيت وذيت". وقال ثعلب:"كيت" للأفعال، و"ذيت" للأسماء. وحكي عن الداودي أنها مثل "كذا" إلا أنها خاصة بالمؤنث.
(بل هو نُسي) بضم النون وتشديد السين المكسورة. قال القرطبي: رواه بعض رواة مسلم مخففًا. أي مخفف السين المكسورة مع ضم النون. قال الحافظ ابن حجر: والتثقيل هو الذي وقع في جميع