للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فكففت عن البكاء فلم أبك) ليس المراد من البكاء هنا دمع العين، إذ ليس ذلك من الشيطان، وإنما المراد به ما يصاحبه من صراخ وعويل فمعنى "كففت" هنا أحجمت وامتنعت، وليس المعنى أنها كانت تنوح فتوقفت.

(فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه) أي تطلب حضوره إليها.

(وتخبره أن صبياً لها في الموت) ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح خلافاً في المقصود بابنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المقصود بابنها، فقال: هي زينب كما وقع في مصنف ابن أبي شيبة، وابنها قيل: هو علي بن أبي العاص بن الربيع، فقد اتفق أهل العلم بالنسب على أن زينب لم تلد لأبي العاص إلا علياً وأمامة فقط، ثم استبعد أن يكون الابن علياً، لأن أهل العلم بالأنساب ذكروا أنه عاش حتى ناهز الحلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم أردفه على راحلته يوم فتح مكة، ومثل هذا لا يقال له "صبي" عرفاً، وإن جاز لغة، كما استبعد أن يكون المراد بالولد أمامة ابنتها رغم النص عليها في رواية أحمد، فإن أهل العلم بالأخبار اتفقوا على أن أمامة بنت أبي العاص من زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة، ثم عاشت عند علي حتى قتل عنها. وارتضى الحافظ ابن حجر أن يراد بالولد أمامة، ففي رواية أبي داود: "أن ابني أو ابنتي" وأنها كانت قاربت أن تقبض، فأكرم الله نبيه عليه الصلاة والسلام بأن عافى ابنها أو ابنتها في ذلك المرض، وذكر الحافظ ابن حجر قولاً آخر أن المراد من بنت النبي صلى الله عليه وسلم رقية، وأن المراد من ابنها هو عبد الله بن عثمان بن عفان، وأسند هذا القول للبلاذري في الأنساب، ونقل الحافظ عن مسند البزار أن المقصود بابنة النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة. قال: فعلى هذا فالابن المذكور محسن بن علي بن أبي طالب. قال: وقد اتفق أهل العلم بالأخبار أنه مات صغيراً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قال: فهذا أولى أن يفسر به إن ثبت أن القصة كانت لصبي ولم يثبت أن المرسلة زينب لكن الصواب في حديث الباب أن المرسلة زينب. انتهى بتصرف.

(فقال للرسول) الذي أرسلته ابنته.

(أن لله ما أخذ) ظاهره أنه صلى الله عليه وسلم فهم أن الصبي قد مات، فالتقدير: إن هذا الذي أخذ منكم كان له، لا لكم، فلم يأخذ إلا ما هو له، فينبغي أن لا يجزع من استردت منه وديعة أو عارية، ولكن آخر الحديث أن الصبي كانت نفسه تعلو وتهبط في صدره، فالمراد أنه فهم حضور الموت لا انتهاءه، أي إن أخذه الله فإن لله ما أخذ، وإن أبقاه فإن لله ما أبقى.

(وله ما أعطى) معناه أن ما وهبه لكم ليس خارجاً عن ملكه، بل هو ملكه يفعل فيه ما يشاء.

(وكل شيء عنده بأجل) أي كل من انقضى أجله فمحال تقدمه أو تأخره عنه، أو كل شيء من الأخذ والإعطاء بأجل معلوم، فإذا علمتم ذلك كله فاصبروا واحتسبوا ما نزل بكم. قال الحافظ ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>