للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(يقول: حين تبوءوا مقاعدهم من النار) أي يقول عن الموتى: إنهم يسمعون حين تبوءوا مقاعدهم من النار في قبورهم. واتخذوا منازلهم فيها.

(لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة) أي لما جاءه نعيهم وخبر قتلهم واستشهادهم، وخلاصة أمرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سنة ثمان من الهجرة سرية عددها ثلاثة آلاف مقاتل إلى أرض البلقاء من أطراف الشام فيما عرف بغزوة مؤتة، واستعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال: إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس. فتلاقوا مع الكفار فاقتتلوا، فقتل زيد بن حارثة، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب فقاتل بها حتى قتل، فأخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح الله على يديه.

(جلس يعرف فيه الحزن) قال الطيبي: كأنه كظم الحزن فظهر ما لا بد للجبلة البشرية منه.

(قالت: وأنا أنظر من صائر الباب) القائل عائشة، و"صائر الباب" و"صير الباب" شقه الذي يعد للنظر منه.

(فأتاه رجل) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه، وكأنه أبهم عمداً لما وقع في حقه من غض عائشة منه. اهـ أي من قولها له: أرغم الله أنفك.

(إن نساء جعفر ... ) أي امرأته أسماء بنت عميس، ومن حضر عندها من أقاربها وأقارب جعفر، ومن في معناهن، وخبر "إن" في هذه الرواية محذوف لدلالة المقام عليه، والمعنى: فعلن كذا وكذا من البكاء والنوح مثلاً، وعند ابن حبان: "قد أكثرن من بكائهن".

(فذهب) أي فنهاهن، فرجع، فأتاه صلى الله عليه وسلم.

(قالت: فزعمت أن رسول الله قال) الزعم يطلق على ما لا أصل له وعلى الأمر المحقق، ومنه "زعم جبريل أنه لن تموت نفس قبل أن تستوفى". وهو المراد هنا، والمعنى قالت عمرة: قالت عائشة: قال صلى الله عليه وسلم.

(اذهب فاحث في أفواههن من التراب) "فاحث" بضم الثاء وكسرها يقال: حثا يحثو، وحثا يحثى، و"من" تبعيضية، وخص الأفواه دون الأعين مثلاً لأنها محل النوح، وهل الأمر على حقيقته وأنه مطلوب منه أن يحمل في يده تراباً يقذفه في أفواههن؟ الظاهر أن عائشة فهمت ذلك فقالت للرجل ما قالت، ولكن الأولى حمل الأمر على الكناية عن المبالغة والزجر، كأنه قال له: اذهب فاكتم أفواههن بوعيدهن بالخيبة وضياع الأجر. ومن التوجيهات الحسنة هنا ما قيل من أن الأمر للتعجيز، أي إن كنت تستطيع فعل كذا فافعل لكنك لا تستطيع فكف عن المتابعة واسكت.

(أرغم الله أنفك) أي ألصقه بالرغام -بفتح الراء- وهو التراب ويقصد بهذه العبارة الدعاء بالإهانة والإذلال. ودعت عليه لما فهمت من إحراجه النبي صلى الله عليه وسلم بإلحاحه وإلحافه وتردده عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>