(والله ما تفعل) أي لن تفعل. والظاهر أن الرجل المذكور كان يدخل ويعنف النسوة المذكورات.
(وما تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء) بفتح النون، أي المشقة والتعب، وفي ملحق الرواية "من العي" بكسر العين وتشديد الياء، وهو هنا بمعنى العناء. فكأنها تقول له: لا أنت نجحت في رسالتك من الإنكار والتأديب ولا أنت تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعذرهن ويشفق عليهن لحرارة مصابهن.
(فما وفت منا امرأة إلا خمس) قال القاضي عياض: معنى الحديث لم يف ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم مع أم عطية في الوقت الذي بايعت فيه النسوة إلا المذكورات، لا أنه لم يترك النياحة من المسلمات غير خمسة. اهـ.
(وابنة أبي سبرة امرأة معاذ -أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ)"ابنة أبي سبرة" بفتح السين وسكون الباء الموحدة، والشك من أحد الرواة، قال الحافظ ابن حجر: الذي يظهر لي أن الرواية بواو العطف أصح. اهـ.
وبالعطف يصبحن أربعاً، أم سليم أم أنس، وأم العلاء امرأة من الأنصار، وابنة أبي سبرة ولعل اسمها أم كلثوم الوارد في بعض الروايات عند الطبراني، وامرأة معاذ بن جبل واسمها أم عمرو، أما الخامسة فقيل: لعلها أم عطية راوية الحديث، ورد بأنها كانت لا تعد نفسها لذلك، لأنها في يوم الحرة لم تزل النساء بها حتى قامت معهن.
ويوم الحرة كان في أيام يزيد بن معاوية، قتل فيه من الأنصار من لا يحصى عدده ونهبت المدينة الشريفة، وبذل فيها السيف ثلاثة أيام.
وقيل: لعلها كانت تعد نفسها حين روت الحديث قبل يوم الحرة، وأصبحت لا تعد نفسها بعد يوم الحرة، ويؤيده رواية الطبراني:"فما وفت غيري وغير أم سليم ... ".
-[فقه الحديث]-
البكاء دمع العين، وقد يصاحبه من القول أو الفعل ما هو مكروه أو حرام.
ولتحرير الأحكام الفقهية نقول:
أولاً: حزن القلب ودمع العين من غير أن يصاحبهما سخط على القضاء، أو جزع شديد في القلب، أو اعتراض نفسي على القدر، ومن غير أن يصاحبهما قول أو فعل يغضب الرب، هذا النوع لا شيء فيه شرعاً.
على معنى أنه مباح باعتباره مسايراً للطبيعة البشرية، بل قد يكون ممدوحاً شرعاً إذا