للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا ما قاله الجمهور، وأوجب مالك الزكاة في المعلوفة واعتبرها كالسائمة سواء بسواء عملاً بالأحاديث المطلقة، وأجاب عن الأحاديث التي ورد فيها السوم بأنها خرجت مخرج الغالب، وليس قيداً وشرطاً.

الشرط الرابع: أن لا تكون الإبل أو البقر عاملة في الحرث وسقي الزرع وحمل الأمتعة والماء، أما ما كان معداً للعمل فهو كالثياب والعبيد والدار والدابة مقصود به نفع مالكه وكفايته وحاجته، فلا زكاة فيه عند جمهور الفقهاء، وخالفهم مالك فقال بوجوب الزكاة فيها، ولم يفرق بين العاملة وغير العاملة كما لم يفرق بين السائمة وغير السائمة.

أما الخيل فلا زكاة فيها مطلقاً عند الشافعية وأبي يوسف ومحمد وأحمد وحكى عن مالك والليث أيضاً. أما أبو حنيفة فيوافق الجمهور في الخيل المعدة للركوب أو للجهاد أو للحمل، فلا زكاة عليها سواء أكانت سائمة أو غير سائمة، ويخالفهم في الخيل التي تربى للنسل والنتاج، فيوجب فيها الزكاة بشرط أن تكون إناثاً كلها، أو ذكوراً وإناثاً، أما إذا كانت كلها ذكوراً فلا زكاة فيها عنده لعدم صلاحيتها للتناسل والنمو والتكثير. ويعتبر فيها الحول دون النصاب. قال: ومالكها بالخيار، إن شاء أعطى عن كل فرس ديناراً، وإن شاء قومها وأخرج ربع عشر قيمتها.

وحجة الجمهور حديث أبي هريرة -روايتنا السابعة: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة". وهو متفق عليه، فالذكور والإناث والمعد للركوب والمعد للتناسل كل ذلك يستوي في الدخول في كونه "فرسه" وما يدعيه البعض من أن قوله: "فرسه". يشعر أنه فرسه الذي يركبه ويجاهد عليه ادعاء بعيد، بل العكس هو الصحيح، فإن الفرس الذي يركبه والذي يجاهد عليه يمكن إضافته إلى وظيفته، فيقال: فرس الركوب وفرس الجهاد، ولا كذلك المعد للنسل، فليس له إلا أن يقال عنه "فرسه".

كما أن تأييد أبي حنيفة بأن ظاهر الحديث وعمومه لكل فرس غير مراد بدليل اتفاقهم على إيجاب الزكاة فيما اتخذ للتجارة من الخيل، هذا التأييد لا يفيد، لأن كل العروض التي لا زكاة فيها -ومنها الخيل- إذا استعملت في التجارة وجبت فيها الزكاة، وموطن النزاع الخيل في غير التجارة والحديث صريح في عدم وجوب الزكاة فيها.

وأما قولهم: إن السكوت عن إيجاب الزكاة فيها بلفظ صريح لا يدل على عدم الوجوب جزماً، فقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم الزكاة في نقود الفضة بالنص الصريح، ولم يصح عنه في الذهب مثل ذلك، ففي هذا القول بعد شديد عن موطن النزاع، لأن الذي معنا ليس سكوتاً عن إيجاب الزكاة فيها بلفظ صريح بل الذي معنا نفي وجوب الزكاة فيها بلفظ صريح ومتفق عليه.

وأما استدلالهم بحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في الخيل السائمة في كل فرس دينار. فهو لا ينهض لمقاومة الحديث الصحيح، فقد قال الدارقطني: تفرد به عورك وهو ضعيف جداً. والله أعلم.

وأما النصاب وما يؤخذ زكاة من هذه الأصناف فقد حددتها السنة النبوية قولاً وعملاً:

<<  <  ج: ص:  >  >>