للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدليل على وجوبها التعبير في الأحاديث الصحيحة بلفظ "فرض" فهو وإن كان في أصل اللغة بمعنى قدر لكن الشرع نقله إلى الوجوب فالحمل عليه أولى.

والتعبير في بعض الروايات بلفظ: "أمر" كما في روايتنا العاشرة والحادية عشرة، وهو لفظ يستعمل في الواجب غالباً.

والتعبير بلفظ "على" في قوله "على كل حر أو عبد"، فهو ظاهر في الوجوب.

وتسميتها زكاة، كما هو الحال في رواياتنا كلها فيما عدا الثالثة، فتسميتها زكاة يدخلها في عموم قوله تعالى: {وآتوا الزكاة} [النور: ٥٦] ويكون شأنها شأن أنواع الزكاة الواجبة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفصل أحكامها، كزكاة الإبل والبقر والغنم وعروض التجارة والنقدين إلخ.

واستدل بعضهم على وجوبها بقوله تعالى: {قد أفلح من تزكى} [الأعلى: ١٤] قال: ثبت أنها نزلت في زكاة الفطر، وثبت في الصحيحين إثبات حقيقة الفلاح لمن اقتصر على الواجبات.

واعترض عليه بأن تتمة الآية {وذكر اسم ربه فصلى} [الأعلى: ١٥] فيلزم وجوب صلاة العيد، وأجيب بأن خروج صلاة العيد عن الوجوب إنما كان بدليل عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "هن خمس، لا يبدل القول لدي".

ونقل المالكية عن أشهب أنها سنة مؤكدة، وهو قول بعض أهل الظاهر وابن اللبان من الشافعية. لتسميتها صدقة في بعض الروايات، وهو دليل أوهى من خيط العنكبوت.

وذهب إبراهيم بن علية وأبو بكر بن كيسان بن الأصم إلى أنها كانت واجبة ثم نسخ وجوبها، واستدل لهما بما روى النسائي وغيره عن قيس بن سعد بن عبادة قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله".

قال الحافظ ابن حجر: وتعقب بأن في إسناده راوياً مجهولاً. وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ، لاحتمال الاكتفاء بالأمر الأول، لأن نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر.

وقال أبو حنيفة: هي واجبة ليست فرضاً بناء على مذهبه في الفرق بين الواجب والفرض.

قال النووي: والصواب أنها فرض واجب.

وحكمة مشروعيتها -كما قال النووي- أن العبادات التي تطول ويشق التحرز منها من أمور تفوت كمالها، جعل الشارع فيها كفارة مالية بدل النقص، كالهدي في الحج والعمرة وكذا الفطرة لما يكون في الصوم من لغو وغيره.

٢ - أما على من تجب فقد قال الحافظ ابن حجر: قوله: "من المسلمين" [كما في روايتنا الأولى] مقتضاه أنها لا تجب على الكافر عن نفسه. وهو أمر متفق عليه.

وهل يخرجها عن غيره كمستولدته المسلمة مثلاً؟ نقل ابن المنذر فيه الإجماع على عدم الوجوب، لكن فيه وجه للشافعية ورواية عن أحمد. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>