للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - ومن قوله "أوفر ما كانت. لا يفقد منها فصيلاً واحداً ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء" شدة الوعيد بأنكى وأشد الأمور والأحوال، لأنها تكون عنده على حالات مختلفة من العظم والسمن والكثرة، والعقاب بأكمل حالاتها.

٤ - من قوله عن الخيل "ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها" أخذ أبو حنيفة وجوب الزكاة في الخيل، ومذهبه التفريق بين ما إذا كانت الخيل كلها ذكوراً فلا زكاة فيها، وبين ما إذا كانت إناثاً فقط، أو إناثاً وذكوراً فتجب فيها الزكاة، وهذا التفريق يضعف من استدلاله بالحديث لأن الحديث لم يفرق بين الذكور والإناث، ثم هو معارض بالحديث الصحيح الصريح الذي سبق في باب النصاب ومقدار الزكاة برقم [٧] ولفظه "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة".

ومذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير العلماء أنه لا زكاة في الخيل بحال ويتأولون حديث الباب بعدة تأويلات:

(أ) يحتمل أن المراد بحق الله في ظهورها ورقابها الجهاد في سبيل الله والجهاد قد يكون واجباً بها إذا تعين.

(ب) ويحتمل أن يراد بحق الله في ظهورها إطراق فحلها إذا طلبت عاريته وهذا على الندب، ويراد بحق الله في رقابها الإحسان إليها، والقيام بعلفها وسائر مؤنها.

(جـ) ويحتمل أن المراد بحق الله في ظهورها ورقابها حق الله مما يكسب عن طريقها.

قالها النووي. ومن المعلوم أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.

٥ - ومن قوله "فشربت منه ولا يريد أن يسقيها .... إلخ"، التنبيه بالأقل على الأكثر. لأنه إذا كانت هذه الحسنات حاصلة له، من غير أن يقصد سقيها كان السقي مع القصد أولى بأضعاف الحسنات.

٦ - ومن قوله "ما أنزل علي في الحمر شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} الإشارة إلى التمسك بالعموم.

٧ - وقد يحتج به من قال: لا يجوز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان يحكم بالوحي، قال النووي: ويجاب للجمهور القائلين بجواز الاجتهاد بأنه لم يظهر له فيها شيء. اهـ أي لم يتبين له وجه يجتهد به ويحكم، فجواز اجتهاده لا يوجب اجتهاده هنا.

٨ - ومن قوله في الرواية الثانية "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته ... إلخ" أخذ أن الكنز المتوعد عليه هو الذي لم تخرج منه الزكاة، وأن ما بقي بعد إخراج الزكاة لا وعيد على تملكه، وأن المال الذي لم يبلغ نصاباً لا يكون كنزاً. قال الحافظ ابن حجر ملخصاً كلام ابن رشيد: مال لم تجب فيه الصدقة لا يسمى كنزاً، لأنه معفو عنه، فليكن ما أخرجت منه الزكاة كذلك، لأنه عفي عنه بإخراج ما وجب منه، فلا يسمى كنزاً.

ثم عرض الحافظ ابن حجر أحاديث تؤيد هذا فقال: أخرج مالك والشافعي عن ابن عمر موقوفاً:

<<  <  ج: ص:  >  >>