للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"ما أدي زكاته فليس بكنز". وأخرجه البيهقي بلفظ: "كل ما أديت زكاته وإن كان تحت سبع أرضين فليس بكنز، وكل ما لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن كان ظاهراً على وجه الأرض". وأخرجه الحاكم عن جابر بلفظ: "إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك". وأخرجه أبو داود مرفوعاً بلفظ: "إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم". ثم نقل قول ابن عبد البر: والجمهور على أن الكنز المذموم ما لم تؤد زكاته، ولم يخالف في ذلك إلا طائفة من أهل الزهد كأبي ذر. وسيأتي شرح ما ذهب إليه من ذلك قريباً.

ونقل النووي عن القاضي عياض قوله: اختلف السلف في المراد بالكنز المذكور في القرآن والحديث، فقال أكثرهم: هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد. فأما مال أخرجت زكاته فليس بكنز وقيل: الكنز هو المذكور عن أهل اللغة ولكن الآية منسوخة بوجوب الزكاة. وقيل: المراد بالآية: أهل الكتاب المذكورون قبل ذلك. وقيل: كل ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز وإن أديت زكاته. وقيل: هو ما فضل عن الحاجة، ولعل هذا كان في أول الإسلام وضيق الحال. واتفق أئمة الفتوى على القول الأول، وهو الصحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته ... " وذكر عقابه، وفي الحديث الآخر عند البخاري: "من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له شجاعاً أقرع .... " وفي آخره، "فيقول: أنا كنزك". اهـ.

٩ - ومن قوله في الرواية الثانية "الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة" دليل على بقاء الإسلام والجهاد إلى يوم القيامة.

١٠ - ومن ظاهر قوله في الرواية الرابعة والخامسة في حق الإبل "حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنيحتها وحمل عليها في سبيل الله". ظاهر هذا أن في المال حقاً سوى الزكاة.

قال المازري: يحتمل أن يكون هذا الحق في موضع ووقت تتعين فيه المواساة.

وقال القاضي عياض: لعل الحق كان قبل وجوب الزكاة.

وقال النووي: اختلف السلف في معنى قول الله تعالى: {وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} [الذاريات: ١٩] فقال الجمهور: المراد به الزكاة، وأنه ليس في المال حق سوى الزكاة، وأما ما جاء غير ذلك فعلى وجه الندب ومكارم الأخلاق، لأن الآية إخبار عن وصف قوم أثنى عليهم بخصال كريمة، فلا يقتضي الوجوب كما لا يقتضيه قوله تعالى: {كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون} [الذاريات: ١٧] فالمراد من الحق القدر الزائد على الواجب، ولا عقاب بتركه، وإنما ذكره في الحديث استطراداً، كأنه لما ذكر حقها الواجب أولاً أتبعه بكمال الحق، ولما ذكر ما يذم على فعله ذكر ما يمتدح بفعله. وقال بعضهم: هي منسوخة بالزكاة. وذهب جماعة إلى أن الآية محكمة، وأن في المال حقاً سوى الزكاة من فك الأسير وإطعام المضطر والمواساة في العسرة وصلة القرابة. اهـ.

١١ - ومن قوله "حلبها على الماء" الرفق بالفقراء والمساكين، والحث على تيسير حصولهم على حقهم، فوصولهم إلى موضع السقي أسهل وأمكن من وصولهم إلى المنازل.

<<  <  ج: ص:  >  >>