١٢ - ومن قوله "خذ كنزك الذي خبأته فأنا عنه غني"، "هذا مالك الذي كنت تبخل به". أن من أنواع التعذيب يوم القيامة التقريع والتوبيخ والإيلام بالقول والفعل.
١٣ - ومن الرواية الخامسة وما قبلها يؤخذ أن الله يحيي البهائم ليعاقب بها مانع الزكاة.
١٤ - وأن العقاب من جنس العمل، وبنقيض القصد، لأنه منع حق الله منها لينتفع هو بما يمنعه فكان ما قصد الانتفاع به أضر الأشياء عليه.
قال الحافظ ابن حجر: والحكمة في كونها تعاد كلها مع أن حق الله فيها إنما هو في بعضها؛ أن الحق في جميع المال غير متميز، ولأن المال لما لم تخرج زكاته كان كله غير مطهر.
١٥ - ومن قوله في الرواية السادسة "هم الأخسرون ورب الكعبة" جواز الحلف من غير تحليف. قال النووي: بل هو مستحب إذا كان فيه مصلحة كتوكيد أمر وتحقيقه، ونفي المجاز عنه، وقد كثرت الأحاديث الصحيحة في حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا النوع لهذا المعنى.
١٦ - ومن قوله في الرواية السادسة "من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله" الحث على الصدقة في وجوه الخير المتعددة، بحيث لا يقتصر على نوع واحد من وجوه الخير، بل يعدد الوجوه ما وجد إلى ذلك سبيلاً.
١٧ - ومن قوله في الرواية الثامنة "يا أبا ذر" مناداة العالم والكبير صاحبه بكنيته إذا كان جليلاً.
١٨ - ومن قوله في الرواية الثامنة أيضاً "فهممت أن أتبعه، ثم ذكرت قوله: لا تبرح حتى آتيك، فانتظرته" مدى التزام الصحابة بأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم ومدى حرصهم وخوفهم عليه صلى الله عليه وسلم.
١٩ - وفي قوله "قال: وإن زنى وإن سرق" دليل لمذهب أهل الحق أنه لا يخلد في النار أصحاب الكبائر من المؤمنين، خلافاً للخوارج والمعتزلة.
٢٠ - ومن الرواية التاسعة من قوله: "فقلت: أبو ذر" جواز تسمية الإنسان نفسه بكنيته إذا كان مشهوراً بها وقد كثر مثله في الحديث.
٢١ - ومن الرواية العاشرة زهد أبي ذر وتقشفه، وجرأته في دعوته إلى ما يعتقد أنه حق، من غير أن يخشى في الله لومة لائم.
قال النووي: والمعروف من مذهب أبي ذر أن الكنز كل ما فضل عن حاجة الإنسان. اهـ.
أي إن كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش فهو كنز يذم فاعله. وحمل على ذلك الآية والأحاديث.
وقد روى البخاري قصته مع معاوية ومع عثمان ومع الملأ من قريش وحاصلها من واقع شرح الحافظ ابن حجر وغيره: أن أبا ذر كان قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: "إذا بلغ البناء بالمدينة