٣ - وفيه اعتبار لمن تصدق عليه بأن يتحول عن الحال المذمومة إلى الحال الممدوحة، ويستعف السارق من السرقة، والزانية من الزنا، والغني من إمساكه وشحه.
٤ - وفيه فضل صدقة السر.
٥ - وفضل الإخلاص في الصدقة.
٦ - وفيه استحباب إعادة الصدقة إذا لم تقع الموقع.
٧ - وفيه أن الحكم للظاهر حتى يتبين خلافه.
٨ - وفيه بركة التسليم والرضا، وعدم الضجر والأسف.
٩ - وفيه متابعة الخير، حتى لو ظهر خطأ، وفي ذلك يقول بعض السلف: لا تقطع الخدمة ولو ظهر لك عدم القبول. والله أعلم.
الحث على التعجيل بالإنفاق
يحرص الإنسان على جمع المال وادخاره طالما يحس بحاجته إليه عاجلاً أو آجلاً، ويحرص على جمع المال وادخاره للتفاخر والتكاثر، وهو ما خشيه صلى الله عليه وسلم على أمته، حيث يقول:"ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا فتنافسوا فيها".
فإذا ما فقد الإنسان هذين الدافعين فقد المال قيمته، ولم يحرص عليه جامعه ولم يسع إليه ساعية.
لنتصور غنياً ملئت خزائنه بالذهب والفضة والدر والياقوت، لنتصوره في غمرات الموت، وقد وصل إلى النهاية وعاين الحقيقة. بعد أن أخرس لسانه وسكنت حركته وبطل تصرفه، ما نظرته إلى ماله الذي أضاع عمره يجري وراءه؟ إنه سيخلفه وراء ظهره، إنه سينفض يديه ويفتحها ويبسطها، فلم يعد من الدنيا شيء يقبض عليه بيديه. وصدق الله العظيم حيث يقول:{ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم}[الأنعام: ٩٤].
ليتصور المؤمن العاقل الكيس هذا الموقف، ويتصور معه قوله صلى الله عليه وسلم:"ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت". ويتصور معه قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ ". قالوا: ما منا أحد مال وارثه أحب إليه من ماله، قال، فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر".
ماذا يفعل العاقل الكيس إذا استحضر اليوم في نفسه هذا الموقف وهو صحيح شحيح، يخشى الفقر، ويأمل الغنى؟ أيأخذ من دنياه لآخرته، أم يبني دنيا هو زائل عنها ومخلفها لغيره؟ أينفق