للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيضاً فهو جائز، فإن فقد شيء من هذه الشروط كره. اهـ.

ويمكن حمل فعل أبي بكر على استيفائه هذه الشروط.

القول الثالث: وهو ما نسبه النووي إلى مذهب الشافعية، وهو أنه يستحب بالشروط المذكورة، فإن فقد شرطاً كره، فهذا القول قرب من القول الثاني، والفرق هو الاستحباب بدل الجواز.

القول الرابع: أن الصدقة بكل المال جائزة بالشروط المذكورة في القول الثاني مضافاً إليها أن لا يصير المتصدق محتاجاً بعد صدقته إلى أحد، بأن يكون قادراً -بعد الصدقة- على الحاجة الضرورية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، له ولمن تلزمه نفقته، وبدون هذا لا يصح الإيثار، بل يحرم، وذلك أنه إذا آثر غيره في هذه الحالة عرض نفسه إلى الهلاك أو الإضرار أو كشف عورته أو عورة من تجب عليه نفقته، فإذا سقطت هذه الواجبات صح الإيثار والصدقة، وكان له أجر ما يتحمل من مضض الفقر، وشدة مشقته، وهذا القول هو المختار.

القول الخامس: أن الصدقة بجميع المال مكروهة، حتى مع الشروط المذكورة، أو هي على الأقل خلاف الأولى، لأن من تصدق بالجميع يندم غالباً، أو قد يندم إذا احتاج، ويود أنه لم يتصدق، بخلاف من أبقى ما يغنيه، وحديث الباب يؤيد هذا القول "أفضل الصدقة عن ظهر غنى". "أن تبذل الفضل خير لك، وابدأ بمن تعول".

فهي ليست جائزة مطلقاً كالقول الأول، ولا جائزة بشروط كالقول الثاني، ولا مستحبة بشروط كالقول الثالث والرابع.

القول السادس: أن الصدقة بجميع المال مردودة في جميع المال، فللورثة أن يردوها بالحجر على صاحبها.

القول السابع: أنها تنفذ في الثلث وترد في الثلثين، كما هو الشأن في الوصية وعملاً بحديث عبد الرحمن بن عوف.

القول الثامن: أنها تنفذ في النصف وترد في النصف اعتباراً بعمل الأنصار مع المهاجرين، وفيه حديث صحيح في البخاري "قدم المهاجرون المدينة وليس بأيديهم شيء، فقاسمهم الأنصار ... ".

٢ - ويؤخذ من قوله: "وابدأ بمن تعول" تقديم نفقة النفس، ثم العيال إلخ، وفي ترتيب من يعول المسلم روى النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تصدقوا". فقال رجل: يا رسول الله، عندي دينار؟ فقال: "تصدق به على نفسك". قال: عندي آخر؟ قال: "تصدق به على زوجتك". قال: عندي آخر؟ قال: "تصدق به على ولدك". قال عندي آخر؟ قال: "تصدق به على خادمك". قال: عندي آخر؟ قال: "أنت أبصر". رواه ابن حبان في صحيحه هكذا، ورواه أبو داود والحاكم وصححه بتقديم الولد على الزوجة واختاره الخطابي، وقال: إذا تأملت هذا الترتيب علمت أنه صلى الله عليه وسلم قدم الأولى فالأولى، والأقرب فالأقرب، وهو يأمره أن يبدأ بنفسه، ثم بولده لأن الولد كبعضه، فإذا ضيعه هلك، ولم يجد من ينوب عنه في الإنفاق عليه -والذي اتفق عليه العلماء أن

<<  <  ج: ص:  >  >>