(ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه) الكفاف الكفاية بلا زيادة ولا نقصان. وقال القرطبي: هو ما يكف عن الحاجات، ويدفع الضرورات ولا يلحق بأهل الترفيهات.
(اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً) قال النووي: قال أهل اللغة: القوت ما يسد الرمق.
-[فقه الحديث]-
ذكر الإمام مسلم أحاديث التحذير من الاغترار بالدنيا في كتاب الزكاة، باعتبار هذا التحذير دافعاً إلى إخراج الزكاة، وإعطاء حقوق المال، والعطف به على الفقراء والمساكين، وذكر الإمام البخاري هذه الأحاديث ونحوها في كتاب الرقاق، باعتبارها باعثاً على رقة القلب والعطف.
-[ويؤخذ من الأحاديث: ]-
١ - من الأحاديث الثمانية الأولى ذم الحرص على الدنيا، والرغبة فيها، وأن هذا الحرص مذموم يحتاج إلى توبة، ومن ثم آثر أكثر السلف التقلل من الدنيا، والقناعة باليسير، والرضا بالكفاف، لأن لازم الحرص والشره الغفلة عن القيام بأمور الآخرة.
٢ - كراهة الحرص على طول العمر.
٣ - أن الشرع يعطي الحكم للغالب، لأن بعض بني آدم لا يشيب ومعه الخصلتان المذمومتان.
٤ - عن الرواية الثامنة أن بعض القرآن نسخت تلاوته، وبقي حكمه، وقد نقل البخاري عن أنس قال: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت: {ألهاكم التكاثر} قال الحافظ ابن حجر: وشرحه بعضهم على أنه كان قرآناً ونسخت تلاوته لما نزلت {ألهاكم التكاثر، حتى زرتم المقابر} فاستمرت تلاوتها، فكانت ناسخة لتلاوة "لو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى وادياً ثالثاً"، قال: وأما الحكم فيه والمعنى فلم ينسخ. اهـ.
والأولى أن يقال: إنهم كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيحدثهم. فقال لهم يوماً: إن الله قال: "إنما أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم واد لتمنى أن يكون له ثان، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب". فظنوا أن هذا القول من القرآن، وأخذوا يقرءونه فلما نزلت {ألهاكم التكاثر} و {لم يكن الذين كفروا} وسمعوا قرآن الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يجدوه، علموا أن ذلك حديث وليس قرآناً.
وسواء أكان ذلك قرآناً ثم نسخت تلاوته، أو كان حديثاً، فالإجماع اليوم على أنه ليس بقرآن.
٥ - ومن الحديث التاسع فضيلة القناعة والرضا، وإن قل المال.
٦ - ومن الحديث العاشر فوق ما تقدم استحباب الحلف من غير استحلاف. ذكره النووي.
٧ - وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم وشفقته على أمته وتنبيهه لهم حتى لا ينخدعوا.