صلى الله عليه وسلم حينئذ صار يركض بغلته إلى جهة الكفار، وقال: أي عباس. ناد أصحاب الشجرة، وكان العباس صيتاً. قال: فناديت بأعلى صوتي: أين أصحاب الشجرة؟ قال: فوالله لكأني عظمتهم حين سمعوا صوتي عظمة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك". وفي رواية "فجعل الرجل يعطف بعيره فلا يقدر، فيقذف درعه، ثم يأخذ بسيفه ودرقته، ثم يؤم الصوت".
(وهو على بغلة بيضاء فنزل) عن البغلة، واستنصر، فقال: اللهم أنزل نصرك.
(فانهزم المشركون) معطوف على محذوف، أي فعاد المسلمون، فقاتلوا قتالاً شديداً.
(فقسم في المهاجرين والطلقاء) المفعول محذوف، أي فقسم الغنائم.
(فبلغه ذلك) قيل: الذي بلغه سعد بن عبادة، كما في بعض الروايات.
(وعلى مجنبة خيلنا خالد بن الوليد) "مجنبة" بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون، هي الكتيبة من الخيل تأخذ جانب الطريق، وهما مجنبتان ميمنة وميسرة بجانبي الطريق، والقلب بينهما.
(فجعلت خيلنا تلوي خلف ظهورنا) قال النووي: هكذا هو في أكثر النسخ، وفي بعضها "تلوذ". اهـ أي تتجه إلى الخلف فراراً من النبل.
(يال المهاجرين ... يال الأنصار) قال النووي: هكذا في جميع النسخ في المواضع الأربعة "يال" بلام مفصولة مفتوحة، والمعروف وصلها بلام التعريف بعدها.
(هذا حديث عمية) قال النووي: هذه اللفظة ضبطوها في صحيح مسلم على أوجه. أحدها: "عمية" بكسر العين وتشديد الميم المكسورة والياء المشددة. قال القاضي: كذا روينا هذا الحرف عن عامة شيوخنا، قال: وفسر بالشديد [أي هذا حديث شديد]. والثاني: "عمية" كالسابق إلا أنه بضم العين. والثالث: "عمية" بفتح العين وكسر الميم المشددة وتخفيف الياء، وبعدها هاء السكت، أي حدثني به عمي، وقال القاضي: على هذا الوجه معناه عند جماعتي، أي هذا حديثهم. قال صاحب "العين": العم الجماعة. والوجه الرابع كذلك إلا أنه بتشديد الياء، وفسره الحميدي بعمومتي أي هذا حديث فضل أعمامي، أو هذا الحديث الذي حدثني به أعمامي، كأنه حدث بأول الحديث عن مشاهدة، ثم لعله لم يضبط هذا الموضع، لتفرق الناس، فحدثه به من شهده من أعمامه، أو جماعته الذين شهدوه، ولهذا قال بعده. قال: قلنا: لبيك يا رسول الله. والله أعلم.
(فقبضنا ذلك المال) أي جمعنا هذه الغنائم، فحبست في الجعرانة، حتى حاصروا الطائف.
(ثم رجعنا إلى مكة) الرجوع كان إلى الجعرانة القريبة من مكة، إذ بينها وبين مكة ثمانية عشر ميلاً. وهي بكسر الجيم وكسر العين وتشديد الراء، وقد تسكن العين. وفيها قسمت غنائم هوازن.