للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(د) وقال القرطبي في "المفهم": والقول بتكفيرهم أظهر في الحديث. ثم قال: وباب التكفير باب خطر، ولا نعدل بالسلامة شيئاً.

أقوال المكفرين:

(أ) قال الحافظ ابن حجر: استدل بالأحاديث من قال بتكفير الخوارج، وهو مقتضى صنيع البخاري، حيث قرنهم بالملحدين [إذ قال في الترجمة: باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم] وأفرد عنهم المتأولين بترجمة.

(ب) صرح القاضي ابن العربي في "شرح الترمذي"، فقال: الصحيح أنهم كفار، لقوله صلى الله عليه وسلم: "يمرقون من الإسلام" ولقوله: "لأقتلنهم قتل عاد" وفي لفظ: "ثمود" وكل منهما إنما هلك بالكفر، ولقوله: "هم شر الخلق" ولا يوصف بذلك إلا الكفار، ولحكمهم على كل من خالف معتقدهم بالكفر والتخليد في النار، فكانوا هم أحق بالاسم منهم.

(جـ) قال الشيخ تقي الدين السبكي في "فتاويه": احتج من كفر الخوارج وغلاة الروافض بتكفيرهم أعلام الصحابة، لتضمنه تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم في شهادته لهم بالجنة. قال: وهو عندي احتجاج صحيح، لأنا نعلم تزكية من كفروه علماً قطعياً إلى حين موته، وذلك كاف في اعتقادنا تكفير من كفرهم وفي الحديث الصحيح: "من قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما". وهؤلاء قد تحقق منهم أنهم يرمون جماعة بالكفر ممن حصل عندنا القطع بإيمانهم، فيجب أن يحكم بكفرهم بمقتضى خبر الشارع، وهو نحو ما قالوه فيمن سجد للصنم ممن لا تصريح بالجحود فيه، بعد أن فسروا الكفر بالجحود، ولا ينجيهم اعتقاد الإسلام إجمالاً، والعمل بالواجبات عن الحكم بكفرهم، كما لا ينجي الساجد لصنم ذلك.

(د) وقال الطبري في "تهذيبه": في الأحاديث رد على قول من قال: لا يخرج أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحقاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالماً. فإنه باطل لقوله: "يقرءون القرآن ويمرقون من الإسلام، ولا يتعلقون منه بشيء" ومن المعلوم أنهم لم يرتكبوا استحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا بخطأ منهم فيما تأولوه من آيات القرآن على غير المراد منه، ويؤيد القول المذكور الأمر بقتلهم مع حديث ابن مسعود: "لا يحل قتل امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" وفيه: "التارك لدينه المفارق للجماعة".

فهذه ثلاثة مذاهب في الحكم على الخوارج المذكورين في أحاديث الباب ومن على شاكلتهم، مذهب يكفرهم، ومذهب يفسقهم ولا يكفرهم، ومذهب يتوقف ولا يحكم بهذا ولا بذاك.

قال القرطبي في "المفهم": فعلى القول بتكفيرهم يقاتلون، ويقتلون، وتسبى أموالهم، وعلى القول بعدم تكفيرهم يسلك بهم مسلك أهل البغي، إذا شقوا العصا، ونصبوا الحرب، فأما من استسر منهم ببدعة، فإذا ظهر عليه وغلب هل يقتل مع الاستتابة؟ أو لا يقتل؟ بل يجتهد في رد بدعته؟ اختلف فيه بحسب الاختلاف في تكفيرهم. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>