الهروي وغيره من أهل اللغة: المسموع من العرب في واحدة الحجج حجة بكسر الحاء. قالوا: والقياس فتحها لكونها اسما للمرة الواحدة، وليست عبارة عن الهيئة حتى تكسر. قالوا: فيجوز الكسر بالسماع، والفتح بالقياس. اهـ
وسميت حجة الوداع لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها، وأوصاهم بتبليغ الشرع فيها إلى من غاب عنها.
(استنصت الناس) أي اطلب من الناس أن ينصتوا ليسمعوا الخطبة، يقال: نصت ينصت وأنصت ينصت إذا سكت.
(لا ترجعوا بعدي كفارا) وفي رواية للبخاري "لا ترتدوا" وفي رواية أخرى له أيضا "لا ترجعن" ومعنى "بعدي" بعد فراقي من موقفي هذا، أو "بعدي" أي خلافي، أي لا تخلفوني في أنفسكم بغير الذي أمرتكم به، أو يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تحقق أن هذا لا يكون في حياته فنهاهم عنه بعد مماته. حكاه القاضي عياض.
(يضرب بعضكم رقاب بعض) روي بجزم "يضرب" في جواب النهي وروي برفعه على أن الجملة لا محل لها من الإعراب مستأنفة، أو في محل نصب على الحال.
وضرب الرقاب كناية عن القتل، فالمراد يقاتل بعضكم بعضا.
(ويحكم - أو قال: ويلكم) شك من الراوي، اسم فعل ماض، وفي القاموس: وي كلمة تعجب، وويح وويل أصله "وي" فوصلت بحاء مرة ولام أخرى. اهـ.
وقال القاضي عياض: ويح وويل كلمتان استعملتها العرب بمعنى التعجب والتوجع. قال سيبويه:"ويل" كلمة لمن وقع في هلكة، و"ويح" ترحم، وحكي عنه "ويح" زجر لمن أشرف على الهلكة. وقال الهروي:"ويح" لمن وقع في هلكة لا يستحقها، فيترحم عليه، ويرثى له، و"ويل" الذي يستحقها ولا يترحم عليه. اهـ.
والمناسب للحديث ما حكي عن سيبوبه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قالها زجرا للأمة وإشفاقا عليها لإشرافها على الهلكة ومقاتلة بعضها بعضها.
-[فقه الحديث]-
لا خلاف في أن سباب المسلم فسوق وخروج عن حدود الدين، وتختلف درجة معصيته باختلاف لفظ السب وأثره، والحديث في ظاهره "سباب المسلم فسوق" يرد على الخوارج في دعواهم تكفير مرتكب الكبيرة، إذ الوصف بالفسق غير الوصف بالكفر شرعا، اللهم إلا أن يجعلوا الفسوق بمعنى الخروج عن الدين كلية، وهو بعيد.