للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - مذهب القدرية وشبهتهم والرد عليهم وحكم القائل بمذهبهم.

٢ - أحوال نزول جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم والسبب في مجيئه في هذه القصة.

٣ - حقيقة كل من الإيمان والإسلام والنسبة بينهما.

٤ - حقيقة الإحسان ومراتبه.

٥ - الكلام عن الساعة.

٦ - الأحكام المستفادة من الحديث.

١ - أما عن النقطة الأولى فإن مذهب معبد الجهني ومتابعيه أن الله تعالى لم يقدر الأشياء أزلا، ولم يتقدم علمه بها، وإنما يعلمها سبحانه بعد وقوعها.

وشبهتهم أنه تعالى لو كان عالما بالتكذيب لكان في إرساله الرسل عابثا.

ويرد عليهم بأن في الإرسال إزالة لعذر المكذبين وإلزاما لهم وإثابة للداعين، ثم إنه يكفي في حكمة الإرسال إيمان من آمن، على أن الجهل بالحكمة لا يستلزم عدمها المؤدي إلى العبث "تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا".

ومن التنبيهات الظاهرة الدافعة لزعمهم أن الله تعالى موجد الكائنات بلا منازع ولا يتأتى الإيجاد بدون سبق العلم.

والذي قاله ابن عمر ظاهر في تكفيره القدرية، لأنه حكم بعدم قبول نفقاتهم والأعمال يحبطها الكفر، ثم استدل بحديث جبريل وفيه أن الإيمان بالقدر جزء من الإيمان، والشيء ينتفي بانتفاء جزئه غالبا.

قال القاضي عياض: هذا في القدرية الأولى الذين نفوا تقدم علم الله تعالى بالكائنات ثم قال: والقائل بهذا كافر بلا خلاف، اهـ.

ودعوى القاضي عياض عدم الخلاف في كفرهم مردودة، فإن تكفيرهم أحد رأيين، والآخر أنهم عاصون لم يخرجوا من الملة، وإليه مال الإمام النووي حيث نقل عن بعض العلماء قولهم: ويجوز أن ابن عمر لم يرد بهذا الكلام التكفير المخرج عن الملة فيكون من قبيل كفران النعم، إلا أن قوله "ما قبله الله منه" ظاهر في التكفير، فإن إحباط الأعمال إنما يكون بالكفر، إلا أنه يجوز أن يقال في المسلم: لا يقبل الله عمله لمعصيته وإن كان عمله صحيحا، كما أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة غير محوجة إلى القضاء عند جماهير العلماء بل بإجماع السلف، وهي غير مقبولة فلا ثواب فيها على المختار عند أصحابنا.

والآمدي وبعض العلماء عمموا هذا الخلاف في كل ذي هوى من أهل القبلة، والذي تستريح إليه النفس هو ما ذهب إليه القاضي عياض، لأن نسبة الجهل إلى الله تتنافى مع الإيمان بصفة من صفات الله تعالى وهي العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>