للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأول بعضهم هذا الحديث، وقال معناه لا قضاء عليه الآن. وهذا تعسف.

واختلف القائلون بصحة صوم من أكل أو شرب ناسياً في حكم من جامع ناسياً وهو صائم، هل يلحق بمن أكل أو شرب؟ أو لا يلحق؟ فذهب جماعة من الشافعية إلى إلحاقه، وقياس ما لم ينص عليه بما نص عليه قالوا: وتعليق الحكم بالأكل والشرب لأنه الغالب، لأن نسيان الجماع نادر بالنسبة إليهما، وذكر الغالب لا يقتضي مفهوماً. ورد بأن هذا قياس مع الفارق، لقصور حالة المجامع ناسياً عن حالة الأكل، اللهم إلا أن يقولوا: إن الوصف الفارق ملغي، وأجاب بعضهم بأن عدم وجوب القضاء على من جامع ناسياً مأخوذ من العموم الوارد في بعض طريق الحديث بلفظ "من أفطر شهر رمضان ... " لأن الفطر أعم من أن يكون بأكل أو شرب أو جماع.

وجمهور القائلين بصحة صوم من أكل أو شرب ناسياً وكذا القائلون بفساده يقولون بوجوب القضاء على من جامع ناسياً، وألحق به بعض الشافعية من أكل كثيراً، لندور النسيان حينذاك، فقد روى عبد الرزاق أن إنساناً جاء إلى أبي هريرة فقال: أصبحت صائماً، فنسيت فطعمت؟ قال؟ لا بأس. قال: ثم دخلت على إنسان، فنسيت وطعمت وشربت؟ قال: لا بأس. الله أطعمك وسقاك، ثم قال: ودخلت على آخر فنسيت وطعمت؟ فقال أبو هريرة: أنت إنسان لم تتعود الصيام.

لكن الجمهور على أنه لا فرق بين قليل الأكل وكثيره، فقد روى أحمد لهذا الحديث سبباً، فأخرج عن طريق أم حكيم بنت دينار عن مولاتها أم إسحق "إنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتي بقصعة من ثريد، فأكلت معه، ثم تذكرت أنها كانت صائمة. فقال لها ذو اليدين: آلآن بعد ما شبعت؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أتمي صومك، فإنما هو رزق ساقه الله إليك".

وانفرد أحمد في المشهور عنه فقال: من نسي فجامع وهو صائم فعليه القضاء والكفارة. والله أعلم.

٦ - وفي هذا الحديث لطف الله بعباده، والتيسير عليهم، ورفع المشقة والحرج عنهم.

٧ - ومن الرواية الرابعة عشرة وما بعدها مما يتعلق بصيام الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يستحب أن لا يخلي** شهراً من صيام.

٨ - وأن صوم التطوع غير مختص بزمن معين، بل كل السنة صالحة له، إلا رمضان والعيدين والتشريق قاله النووي.

٩ - وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم الدهر. وإنما ترك ذلك لئلا يقتدي به، فيشق على الأمة، وإن كان قد أعطي من القوة ما لو التزم ذلك لاقتدر عليه، لكنه سلك من العبادة الطريقة الوسطى.

١٠ - ومن الرواية التاسعة عشرة أنه لا ينبغي أن يتأسى بصيام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من أطاق ما كان يطيقه.

١١ - وأن من أجهد نفسه في شيء من العبادة خشي عليه أن يمل، فيفضي إلى تركه، مع أن المداومة

<<  <  ج: ص:  >  >>