للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الرواية الخامسة تقول "فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، لم أحل من عمرتي فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج".

وفي الرواية العاشرة تقول: "فلما كان يوم النحر طهرت، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضت" قال العيني: وكان ابتداء حيضها يوم السبت لثلاث خلون من ذي الحجة بسرف وطهرت يوم السبت، وهو يوم النحر. اهـ وفي الرواية الثالثة والعشرين يقول جابر رضي الله عنه: "ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة -رضي الله عنها- فوجدها تبكي، فقال: ما شأنك؟ قالت: شأني أني قد حضت، وقد حل الناس، ولم أحلل، ولم أطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن؟ فقال: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاغتسلي، ثم أهلي بالحج، ففعلت، ووقفت المواقف، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة، ثم قال: قد حللت من حجك وعمرتك جميعاً، فقالت: يا رسول الله، إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت؟ قال: فاذهب بها يا عبد الرحمن، فأعمرها من التنعيم، وذلك ليلة الحصبة" بفتح الحاء وإسكان الصاد، قال النووي: وهي التي بعد أيام التشريق، وسميت بذلك لأنهم نفروا من منى، نزلوا في المحصب، وباتوا به. اهـ

وقال العيني: والمشهور في الحصبة سكون الصاد، وجاء فتحها وكسرها، وهي أرض ذات حصى.

فالرواية الثالثة والعشرون صريحة في أن عائشة -رضي الله عنها- كانت قارنة، وأن طوافها وسعيها مرة واحدة كفى عن الحج والعمرة معاً، والرواية التاسعة عشرة تقول "يسعك طوافك لحجك وعمرتك" والرواية المتممة للعشرين تقول "يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك" وكل ذلك صريح في أن عمرتها من التنعيم لم تكن لأنها لم تعتمر مع حجها، وإنما كانت إضاء لمشاعرها، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرضي هواها، ويستجيب لمطالبها لدلالها وصغارها وحبه لها ولأبيها، ولذا جاء في الرواية الخامسة والعشرين قول جابر رضي الله عنه "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً سهلاً [أي كريم الخلق حسن العشرة] إذا هويت الشيء تابعها عليه، فأرسلها مع عبد الرحمن بن أبي بكر فأهلت بعمرة من التنعيم".

أما قولها في الرواية الأولى عن عمرة التنعيم "فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك" فمعناه -كما قال النووي-: أنها أرادت أن يكون لها عمرة منفردة عن الحج كما حصل لسائر أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابة الذين فسخوا الحج إلى العمرة، وأتموا العمرة، وتحللوا منها قبل يوم التروية، ثم أحرموا بالحج من مكة يوم التروية، فحصل لهم عمرة منفردة وحجة منفردة، وأما عائشة فإنما حصل لها عمرة مندرجة في حجة بالقران، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم يوم النفر: "يسعك طوافك لحجك وعمرتك" أي وقد تما وحسبا لك جميعاً، فأبت، وأرادت عمرة منفردة، كما حصل لباقي الناس، فلما اعتمرت عمرة منفردة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم "هذه مكان عمرتك" أي التي كنت تريدين حصولها منفردة، غير مندرجة، فمنعك الحيض من ذلك. وكذا يقال في قولها: يرجع الناس بحج وعمرة؟ وأرجع بحج؟ [الوارد في الرواية العاشرة] أي يرجعون بحج منفرد وعمرة منفردة وأرجع أنا وليس لي عمرة منفردة؟ وإنما حرصت على ذلك لتكثر أفعالها. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>