وكذا قولها في الرواية الثانية "مكان عمرتي التي أدركني الحج ولم أحلل منها" أي مكان عمرتي المنفردة التي أدركني الحج ولم أحلل منها، وكذا قولها في الرواية الثالثة "مكان عمرتي التي أمسكت عنها" أي مكان عمرتي المنفردة، وكذا قولها في الرواية الخامسة "فقضى الله حجنا وعمرتنا" أي أتمهما عن طريق القران وعن طريق عمرة مستقلة.
وكذا قولها في الرواية العاشرة (فأهللت منها بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا) أي التي اعتمروها منفردة.
وكذا قولها في الرواية السادسة عشرة "يصدر الناس بنسكين" أي منفردين "وأصدر بنسك واحد"؟ أي طواف واحد وسعي واحد؟ وهكذا يبدو ويترجح أنها -رضي الله عنها- أحرمت بحج، ثم فسخته إلى عمرة، ثم أدخلت عليها الحج، فكانت قارنة، ثم اعتمرت عمرة مستقلة. والله أعلم.
هذا. وقد سلكت في المباحث العربية في هذا الباب حتى الآن هذا المنهج لأجمع بين الروايات التي ظاهرها التعارض في ألفاظها، لتأويل ما يحتاج إلى تأويل، وتقدير ما يحتاج إلى تقدير.
والواقع أن بعض الرواة كان يطوي بعض الأحداث، ويذكر البعض، فيوهم الطي أن المذكور بديل عن المطوي فيوهم التعارض، كما أوضحنا ذلك في إحرام عائشة رضي الله عنها.
والآن نعود إلى ما لم نذكره من المباحث العربية في كل رواية على حدة. وبالله التوفيق.
الرواية الأولى
(فأهللنا بعمرة) هذا إخبار عن الحالة بعد سرف، لا عن حالة الإحرام الأول والتقدير: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فأهللنا بحج، فلما وصلنا سرف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة، فأهللنا بعمرة.
(من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة) المعية لا تلزم بأصل وإضافة وإلا فكان حقه أن يقول: فليهل بالعمرة مع الحج، لأنهم أصلاً محرمون بالحج. والهدي هنا اسم لما يهدي إلى الحرم من الأنعام، قال النووي: يقال: "هدي" بإسكان الدال وتخفيف الياء و"هدي" بكسر الدال وتشديد الياء، لغتان مشهورتان، الأولى أفصح وأشهر.
(ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً) أي حتى ينتهي من أفعالهما بانتهاء المعهود للتحلل الأصغر بالنحر.
(أرسلني مع عبد الرحمن بن أبي بكر) هو أخوها شقيقها، وأمهما أم رومان بنت عامر.
(إلى التنعيم) وهو طرف حرم مكة من ناحية الشام، وهو أدنى الحل، وهو مشهور بمسجد عائشة.