(فقال له رجل: يا أبا موسى، رويدك بعض فتياك) في الرواية الرابعة والأربعين "رويدك ببعض فتياك" أي تمهل في بعض فتياك، أي في هذه الفتوى، أي أمسك عن هذه الفتيا قليلاً، حتى يتبين لك أمرها، يقال: فتيا وفتوى لغتان مشهورتان، وفي الرواية الثانية والأربعين "فإني لقائم بالموسم إذا جاءني رجل".
(فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك) أي في شأن نسك العمرة مع الحج تمتعاً، و"بعدك" أي بعد حجتك مع النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعد فتياك بالمتعة في عهد أبي بكر.
(من كنا أفتيناه فتيا فليتئد، فإن أمير المؤمنين قادم عليكم فبه فائتموا) في الرواية الثانية والأربعين "من كنا أفتيناه بشيء" أي من هذه الفتيا الخاصة بالمتعة، فليتئد وليتمهل في العمل بها.
(فذكرت ذلك له) في الرواية الثانية والأربعين "فلما قدم قلت: يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي أحدثت في شأن النسك؟ ".
(إن نأخذ بكتاب الله فإن كتاب الله يأمر بالتمام) في الرواية الثانية والأربعين "فإن الله عز وجل يقول: {وأتموا الحج والعمرة لله}[البقرة: ١٩٦]. وظاهره أن عمر رضي الله عنه حمل الإتمام على انفراد كل منهما في عام، وإلا فالمتعة فيها إتمام واستقلال بأفعال كل من الحج والعمرة، اللهم إلا أن يقال: ليس فيها استقلال بالخروج، ولا استقلال في ميقات محلته والإهلال منه، وقال الحافظ ابن حجر: محصل جواب عمر أن كتاب الله دال على منع التحلل، لأنه أمر بالإتمام، فيقتضي استمرار الإحرام إلى فراغ الحج، وقال المازري: قيل: إن المتعة التي نهي عنها عمر فسخ الحج إلى العمرة، فالحج على هذا لم يتم، وقال القاضي عياض: الظاهر أنه نهى عن الفسخ، ولهذا كان يضرب الناس عليها، كما رواه مسلم، على معتقده أن الفسخ كان خاصاً بهذه السنة، ويؤيد هذا ما جاء في الرواية الثالثة والثلاثين من قوله: "إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء" أي إن الله أحل لرسوله الفسخ في ذاك العام.
(وإن نأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى بلغ الهدي محله) أي لم يتمتع، وكأنه يعتمد فعله صلى الله عليه وسلم دون قوله، وفي الرواية الرابعة والأربعين "قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله" أي فعل التمتع، أي أمر به وأقره "وأصحابه فعلوه بأمره "ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رءوسهم" قال النووي: "معرسين" بإسكان العين وتخفيف الراء، والضمير في "بهن" يعود إلى النساء للعلم بهن وإن لم يذكرن، ومعناه كرهت التمتع، لأن يقتضي التحلل، ووطء النساء إلى حين الخروج إلى عرفات، وللموضوع تتمة في فقه الحديث.