(فما تركت أستزيده)"أن" المصدرية مقدرة، أو الفعل "أستزيده" مسبوك بمصدر من غير سابك على غير قياس، والمصدر مفعول "تركت" والتقدير: فما تركت الاستزادة منه إلا إشفاقا عليه.
(إلا إرعاء عليه) بكسر الهمزة وإسكان الراء وبالعين المهملة ممدود، ومعناه إبقاء عليه ورفقا به، وفي رواية الترمذي "فسكت عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني" فكأنه فهم منه السآمة، فسكت.
(حدثني بهن) مقول عبد الله بن مسعود، وفيه تقرير وتأكيد لما تقدم من أنه باشر السؤال وسمع الجواب.
(ولو استزدته) يريد من هذا النوع، وهو مراتب أفضل الأعمال.
-[فقه الحديث]-
قال ابن بطال: في الحديث أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها، لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب. اهـ.
وقد اعترض ابن دقيق العيد على قول ابن بطال وقال: ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أولا ولا آخرا، وكأن المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت قضاء. اهـ وتعقب بأن إخراجها عن وقتها محرم، ولفظ "أحب" يقتضي المشاركة في الاستحباب، فيكون المراد الاحتراز عن إيقاعها آخر الوقت. وأجيب على التعقيب بأن المشاركة إنما هي بالنسبة إلى الصلاة وغيرها من الأعمال، فإن وقعت الصلاة في وقتها كانت أحب إلى الله من غيرها من الأعمال، فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور كالنائم والناسي، فإن إخراجهما لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم، ولا يوصف بكونه أفضل الأعمال مع كونه محبوبا، لكن إيقاعها في الوقت أحب. اهـ. فتح الباري.
ونحن مع ابن بطال في أن أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها لأن مجموع الروايات ["الصلاة لوقتها" و"الصلاة على مواقيتها" و"الصلاة على وقتها"] ترجح أن اللام للابتداء أو للاستقبال كما قلنا، لتتوافق مع الاستعلاء المأخوذ من "على" وتبعد أن اللام بمعنى "في" خصوصا وقد جاء التصريح بأول الوقت" الصلاة في أول وقتها" فيما أخرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي عن علي بن حفص الذي قال عنه الحافظ ابن حجر: إنه شيخ صدوق من رجال مسلم: وهذا لا يمنع فضل الصلاة في وقتها، لكن الصلاة في أول وقتها أفضل من الصلاة في آخر وقتها ومن جميع الأعمال.
أما بر الوالدين فقد وضحه القرآن الكريم بقوله تعالى:{ووصينا الإنسان بوالديه حسنا}[العنكبوت: ٨]. وبقوله:{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}[الإسراء: ٢٣، ٢٤].