للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضرر، وفي الرواية الثانية "ما أرى علي جناحاً ألا أتطوف بين الصفا والمروة" وفي الرواية الثالثة "ما أرى على أحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئاً، وما أبالي ألا أطوف بينهما" ففي الأولى يتكلم عن غيره، وفي الثانية يتكلم عن نفسه، وفي الثالثة يتكلم عن غيره وعن نفسه، فربما كانت الثالثة هي الأصل والأولى والثانية تصرفاً من الرواة، وربما تعددت الأحاديث منه، والصفا رأس جبل معروف بجوار البيت بمكة، وهو في الأصل جمع صفاة، وهي صخرة ملساء، ويجمع على أصفاء وصفا، والمروة التي تذكر مع الصفا رأسه الثاني، التي ينتهي السعي إليها، وهي في الأصل حجر أبيض براق، وبين الرأسين واد، منخفضة يسمى بطن المسيل، أي المكان الذي يجتمع فيه السيل.

(قالت: لم؟ ) أي لماذا تظن هذا الظن؟ وفي الرواية الثالثة "بئس ما قلت يا ابن أختي" فهو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر، قال النووي: هكذا هو في أكثر النسخ، وفي بعضها "يا ابن أخي" وكلاهما صحيح "فالزبير زوج أختها في مقام أخيها]، والأول أصح وأشهر، وهو المعروف في غير هذه الرواية.

{إن الصفا والمروة من شعائر الله} إلى آخر الآية) موطن الاستدلال في بقية الآية {فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم} والظاهر أنه قرأ الآية لخالته كاملة، أو أنه قرأ هذا الجزء فقط مشيراً به إلى الجزء الآخر معتمداً على حفظها وفهمها رضي الله عنها.

والشعائر جمع شعيرة، والشعائر أعمال الحج، وكل ما جعل علماً لطاعة الله تعالى، وقال الزجاج: هي جميع متعبدات الله التي أشعرها الله، أي جعلها إعلاماً لنا، وقال الحسن: شعائر الله دين الله.

ووجهة نظر عروة أن قوله تعالى: {فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} يفيد إباحة الطواف بين الصفا والمروة، فيفيد إباحة عدم الطواف بهما، ذلك لأن رفع الجناح معناه رفع الإثم، ورفع الإثم علامة المباح، ويزيد المستحب إثبات الأجر ويزيد الوجوب عقاب التارك، فلو كان مستحباً أو واجباً لما اكتفى برفع الحرج، الذي يستعمل أكثر ما يستعمل في المباح دون الواجب.

ووجهة نظر عائشة -رضي الله عنها- أن نفي الجناح عن الفعل ليس نصاً في المباح فإن المستحب والواجب منفي عنه الجناح، فنفي الجناح عن الفعل لا يلزمه نفي الجناح عن الترك، ولو أريد رفع الجناح على الترك لقيل: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما. بزيادة "لا".

وإنما جاءت الآية بذلك لتطابق الموقف، فإنهم كانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة، فقيل لهم: لا تتحرجوا، ولا جناح عليكم في هذا الفعل، بل هو واجب لا حرج فيه، كما تقول: لا تتحرج من قول الحق وشهادة الحق على أبيك، ولم تتعرض الآية للوجوب، فهو يستفاد من دليل آخر، ورفعت الجناح والحرج ليزول وقت أداء الفعل.

(أن الأنصار كانوا يهلون) أي يحجون.

<<  <  ج: ص:  >  >>