للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الراحلة أولاً؟ وهل كان يخطب؟ أو كان يتلقى الأسئلة فقط ويجيب؟ وهل هو موقف واحد اختلف التعبير عنه؟ أو موقفان؟ وهل كانت هذه الأسئلة عند رمي جمرة العقبة صبحاً؟ أو بعد الزوال؟ .

ظاهر صنيع البخاري وترجمته بقوله: "باب الفتيا على الدابة عند الجمرة" أنها كانت فتيا له لا خطبة، وأنها كانت على الدابة، وأنها كانت عند الجمرة، فمعنى "واقف عند الجمرة" أي واقف براحلته، متوقف عن المسير، وليس الوقوف ضد الجلوس، ومعنى "وقف على راحلته" جلس عليها، متوقفاً عن المسير، ومعنى "يخطب" يعلم الناس، وليس المراد الخطب المشروعة في الحج، والموقف واحد على هذا التأويل.

ويميل الحافظ ابن حجر إلى أنهما موقفان، فيقول: ويحتمل أن يكون ذلك في موطنين، أحدهما على راحلته عند الجمرة، ولم يقل في هذا: خطب، والثاني يوم النحر بعد صلاة الظهر، وذلك وقت الخطبة المشروعة من خطب الحج، يعلم الإمام فيها الناس ما بقي عليهم من مناسكهم، وصوب النووي هذا الاحتمال الثاني، ويؤيده ما جاء في رواية ابن عباس "أن بعض السائلين قال، رميت بعد ما أمسيت" وهذا يدل على أن هذه القصة كانت بعد الزوال، لأن المساء يطلق على ما بعد الزوال، وكأن السائل علم أن السنة للحاج أن يرمي الجمرة أول ما يقدم ضحى، فلما أخرها إلى ما بعد الزوال سأل عن ذلك.

(لتأخذوا مناسككم) قال النووي: هذه اللام لام الأمر، ومعناه خذوا مناسككم وهكذا وقع في رواية غير مسلم، وتقديره: هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال والأفعال والهيئات هي أمور الحج وصفته وهي مناسككم، فخذوها عني، واقبلوها واحفظوها، واعملوا بها، وعلموها الناس.

(والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس) يتصور أن يظلل الواقف على الأرض من هو راكب على الناقة الواقفة بأن يرفع الثوب ونحوه على عصا طويلة.

(عبد مجدع أسود) "مجدع" بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الدال المفتوحة والجدع القطع من أصل العضو، ولمسلم في كتاب الإجارة "عبد مجدع الأطراف" وفيه "عبد حبشي" وفي البخاري "كأن رأسه زبيبة" ومقصوده التنبيه على الخسة والحقارة وبشاعة الصورة وعدم الاعتداد بها، قال النووي: ومن هذه الصفات مجموعة فيه فهو في نهاية الخسة، والعادة أن يكون ممتهناً في أرذل الأعمال، فأمر صلى الله عليه وسلم بطاعة ولي الأمر، ولو كان بهذه الخساسة، مادام يقودنا بكتاب الله تعالى، قال العلماء: ماداموا متمسكين بالإسلام والدعاء إلى كتاب الله تعالى، على أي حال كانوا في أنفسهم وأديانهم وأخلاقهم ولا يشق عليهم عصا الطاعة بل إذا ظهرت منهم المنكرات وعظوا وذكروا، قال: والمراد بعض الولاة الذين يوليهم الخليفة ونوابه، لا أن الخليفة يكون عبداً، قال الخطابي: قد يضرب المثل بما لا يقع في الوجود.

(رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس) جمرة يوم النحر هي جمرة العقبة، وقوله "وأما بعد" أي وأما رمي الجمرات التي بعد يوم النحر فبعد الزوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>