مسألة السائلين في ذلك، وكان صلى الله عليه وسلم لا يراجع بعد ثلاث، كما ثبت، ولو لم يدع لهم بعد ثالث مسألة ما سألوه ذلك. اهـ
والحاصل أن ظاهر روايات ابن عمر -رضي الله عنهما- الحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة أنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاث مرات فقط بما فيها المرة المعطوف عليها، وهذا الظاهر غير معتمد، فالرواية الحادية عشرة شك فيها الراوي "مرة أو مرتين" والرواية الثانية عشرة لم ينص فيها على عدد المرات، فيحتمل أن الراوي سقط منه واحدة، والرواية الثالثة عشرة ملحقها يحدد سقط واحدة، ويقول "فلما كانت الرابعة" فالمعتمد الأول وإن جرينا على تعدد الواقعة في الحديبية مرة، وفي حجة الوداع أخرى -كما سبق- فلا إشكال. والله أعلم. "وقد جاء في بعض الروايات اللهم ارحم" وفي بعضها "اللهم اغفر" فيحتمل أن يكون بعض الناقلين روى بالمعنى، أو قالهما صلى الله عليه وسلم جميعاً، والظاهر الأول.
(ثم قال للحلاق) قال النووي: واختلفوا في اسم هذا الرجل الذي حلق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والصحيح المشهور أنه معمر بن عبد الله العدوي.
(قال للحلاق: ها)"ها" هنا اسم فعل أمر، بمعنى خذ، ويجوز مد ألفها، فيقال "هاء" ويستعملان بكاف الخطاب، فيقال: هاك وهاءك، وبدونها، وقد تحل الميم في الممدود محل الكاف في جمع المذكر السالم، ومنه قوله تعالى:{هاؤم اقرءوا كتابيه}[الحاقة: ١٩]. وفي الرواية السابعة عشرة "فقال للحلاق: خذ".
(لم أشعر، فحلقت قبل أن أنحر) أي لم أفطن، يقال: شعرت بالشيء شعوراً إذا فطنت له، وقيل: المراد لم أعلم، وقد بينت الرواية الثانية والعشرون المشعور به، وفيها "لم أشعر أن النحر قبل الحلق، فحلقت قبل أن أنحر" وفي الرواية الثالثة والعشرين "ما كنت أحسب" -بكسر السين- و"كنت أحسب" أي أظن.
(اذبح ولا حرج) أي افعل ما بقي عليك، وقد أجزأك ما فعلته، ولا حرج عليك في التقديم والتأخير، أي لا ضيق عليك، وهل المعنى: لا إثم عليك؟ أو لا إثم عليك ولا فدية. خلاف يأتي في فقه الحديث.
(فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج) أي عن شيء من هذه الأمور الأربعة التي تفعل يوم النحر، وهي: رمى جمرة العقبة، والذبح، والحلق، وطواف الإفاضة، وهي بهذا الترتيب، وفي عدم ترتيبها خلاف فقهي، يأتي في فقه الحديث.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: السنة في أعمال الحج يوم النحر -بعد الدفع من المزدلفة- أن تكون مرتبة هكذا.