رمي جمرة العقبة، ثم نحر الهدي أو ذبحه، ثم الحلق أو التقصير، ثم دخول مكة فيطوف طواف الإفاضة، ويسعى بعده، إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم، فإن كان سعى بعد طواف القدوم كره إعادة السعي. اهـ
وهذه المجموعة من الأحاديث تتعلق بهذه المناسك الأربعة، ويمكن حصر نقاطها في ست نقاط:
الرمي، والنحر، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، والتقديم والتأخير لهذه الأربعة، وما يؤخذ من الأحاديث من الأحكام الفرعية.
النقطة الأولى: الرمي، وهو عبارة عن رمي جمرة العقبة وحدها يوم النحر بسبع حصيات، وقد أجمعوا على أنه لا يرمى يوم النحر إلا جمرة العقبة ثم رمي كل جمرة من الجمرات الثلاث بسبع حصيات في كل يوم من أيام التشريق الثلاثة، فمجموع حصى الرمي سبعون حصاة.
واختلف الفقهاء في حكم رمي جمرة العقبة، فالشافعية والجمهور على أنه واجب يجبر تركه بدم، والحج بدونه صحيح قياساً على رمي أيام التشريق، وقال بعض أصحاب مالك: رمي جمرة العقبة ركن لا يصح الحج إلا به، قال عبد الملك المالكي: من خرجت عنه أيام منى ولم يرم جمرة العقبة بطل حجه، فإن ذكر بعد غروب شمس يوم النحر فعليه دم، وإن تذكر بعد فعليه بدنة، وقال ابن وهب: لا شيء عليه مادامت أيام منى. وحكى ابن جرير عن بعض الناس أن رمي الجمار إنما شرع حفظاً للتكبير، ولو تركه وكبر أجزأه، قال النووي: ونحوه عن عائشة رضي الله عنها، والصحيح المشهور الأول.
وقت الرمي: ومذهب الشافعية وأحمد جواز رمي جمرة العقبة ابتداء من نصف ليلة النحر، والسنة أن يرميها ضحى، أي بعد ارتفاع الشمس قدر رمح، ولو أخر جاز، ويكون أداء إلى آخر نهار يوم النحر.
وقال مالك وأبو حنيفة وإسحق: لا يجوز رمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس واحتجوا بحديث ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن لا يرموا إلا بعد طلوع الشمس" قال النووي: وهو حديث صحيح، واحتج الشافعية بحديث أم سلمة وغيره من الأحاديث الصحيحة السابقة في مسألة تعجيل دفع الضعفة من مزدلفة إلى منى، وأما حديث ابن عباس فمحمول على الأفضل، جمعاً بين الأحاديث.
وفي المحيط: أوقات رمي جمرة العقبة ثلاثة: مسنون بعد طلوع الشمس، ومباح بعد زوالها إلى غروبها، ومكروه وهو الرمي بالليل، ولو لم يرم في يوم النحر حتى أصبح من الغد رماها وعليه دم عند أبي حنيفة، خلافاً لصاحبيه.
أما رمي الجمرات أيام التشريق فوقته يبدأ من الزوال، تنص على ذلك روايتنا التاسعة، وفيها "وأما بعد فإذا زالت الشمس" قال النووي: وأما وقت الرمي أيام التشريق فمذهبنا ومذهب مالك وأحمد وجماهير العلماء أنه لا يجوز الرمي في الأيام الثلاثة إلا بعد الزوال، لهذا الحديث الصحيح، وقال طاووس وعطاء: يجزئه في الأيام الثلاثة قبل الزوال وقال أبو حنيفة: يجوز في اليوم الثالث قبل