الزوال، وإن رمى في اليوم الأول والثاني قبل الزوال أعاد، أما آخر الوقت فقيل: غروب الشمس، وقيل: حتى طلوع الفجر، قال النووي: وأما اليوم الآخر فيفوت رميه بغروب شمسه بلا خلاف، وكذا جميع الرمي يفوت بغروب شمس اليوم الثالث من التشريق، لفوات زمن الرمي. واتفق مالك وأبو حنيفة والثوري والشافعي أنه إذا مضت أيام التشريق، وغابت الشمس من آخرها فقد فات الرمي، ويجبر ذلك بالدم.
كيفية الرمي: قال النووي في رمي جمرة العقبة: يسن أن يقف تحتها في بطن الوادي فيجعل مكة عن يساره، ومنى عن يمينه ويستقبل القبلة ثم يرمي، وقيل: يستقبل الجمرة ويستدبر الكعبة، وأن يكبر مع كل حصاة، وأن يرفع يده في الرمي حتى يرى بياض إبطه وأن يكون الرمي باليد اليمنى، ويشترط أن يكون المرمي حجراً، ولا يصح بالمعادن، ويسن أن يكون الحصى في حجم حبة الباقلاء، وأن يكون صفة رمي الحاذف، فيضع الحصاة على بطن إبهامه، ويرميها برأس السبابة، ولا يجزئ الرمي بالقوس ولا الدفع بالرجل، ويشترط أن يرمي الحصيات في سبع دفعات، فلو رمى حصاتين دفعة حسبت واحدة، وبه قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: إن وقعن في المرمى متعاقبات أجزأ، وإلا فلا. والسنة أن يرمي جمرة العقبة راكباً إن كان قد قدم منى راكباً، ويرمي في أيام التشريق ماشياً، إلا يوم النفر فيجوز راكباً. وفي كل يوم من أيام التشريق يأتي الجمرة الأولى، وهي التي تلي مسجد الخيف وهي أولهن من جهة عرفات، فيأتيها من أسفل منها، فيصعد إليها، فيعلوها، ويستقبل الكعبة ويرمي الجمرة بسبع حصيات، ثم ينحرف عنها، ويجعلها في قفاه، ويقف قدر سورة البقرة في موضع لا يصيبه المتطاير من الحصى، يستقبل القبلة، ويحمد الله تعالى ويكبر ويهلل ويسبح ويدعوا، ثم يأتي الجمرة الثانية، وهي الوسطى، ويصنع فيها كما صنع في الأولى ويقف للدعاء، كما وقف في الأولى، ثم يأتي الجمرة الثالثة، وهي جمرة العقبة، فيرمها، ولا يقف عندها للذكر والدعاء.
ويشترط الترتيب بين الجمرات، ولا خلاف في اشتراطه.
ومن عجز عن الرمي بنفسه لمرض ميئوس أو غير ميئوس أو حبس ونحوهما جاز أن يستنيب من يرمي عنه، لأن وقته مضيق، واستدل الشافعية على جواز الاستنابة في الرمي بالقياس على الاستنابة في أصل الحج، قالوا: والرمي أولى بالجواز. قاله النووي في المجموع. اهـ
وبعض العلماء في عصرنا يفتي بجواز الاستنابة في الرمي، عن المرأة للرجل بسبب الزحام، ولا أراه يصح، فإن الاستنابة في أصل الحج لا تصح أن تقع بسبب الزحام، فالقياس على أصل الحج يقصر الاستنابة على ما يباح بسببه الإنابة في الحج من مرض ميئوس أو حبس مؤبد ونحوهما. والله أعلم.
النقطة الثانية النحر، ولم تتعرض أحاديث الباب له إلا من حيث ترتيبه مع الرمي والحلق، وتقديمه أو تأخيره عنهما، وسبق في باب وجوه الإحرام وحجة النبي صلى الله عليه وسلم قبل ثلاثة أبواب أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بيده في منى ثلاثاً وستين بدنة، ثم أعطى علياً، فنحر تكملة المائة.