تحت قدمي إلا سقاية الحاج وسدانة البيت. قال القاضي عياض: قال العلماء: لا يجوز لأحد أن ينزعها منهم. قال: وهي ولاية لهم عليها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتبقى دائمة لهم ولذرياتهم أبداً، ولا ينازعون فيها، ولا يشاركون ماداموا موجودين صالحين لذلك.
(فأغلقها عليه) ضمير الفاعل يحتمل أن يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في بعض الروايات عن ابن عمر قال: كان بنو أبي طلحة يزعمون أنه لا يستطيع أحد فتح الكعبة غيرهم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح، ففتحها بيده لكنها رواية ضعيفة، كما جاء في رواية أخرى "فأغلقاها عليه" والضمير لعثمان وبلال، وهي رواية ضعيفة أيضاً، رواها مالك في الموطأ، والظاهر أن ضمير الفاعل لعثمان بن طلحة، ففي الرواية الثانية "فأمر بالباب فأغلق" وفي الرواية الخامسة "وأجاف عليهم عثمان بن طلحة الباب" فالمباشر للغلق هو عثمان، لأنه من وظيفته، وأسند الفعل "أجافوا عليهم الباب" في الرواية الرابعة باعتبارهم راضيين به، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بإغلاق الباب ليكون أسكن لقلبه، وأجمع لخشوعه ولئلا يجتمع الناس ويدخلوا ويزدحموا، فينالهم ضرر، ويتهوش عليه الحال بسبب لغطهم، وقد يقال: إنما أغلقه خشية أن يكثر الناس عليه، فيصلوا بصلاته، فليتزموها فيشق عليهم كما فعل في صلاة الليل حيث لم يخرج إليهم.
(ثم مكث فيها) في الرواية الثانية "فلبثوا فيه ملياً" والضمير في "فيه" للبيت و"ملياً" أي زمناً طويلاً وفي الرواية الرابعة "فأجافوا عليهم الباب طويلاً" أي أغلقوه عليهم زمناً طويلاً.
(فسألت بلالاً حين خرج) في الرواية الثانية "فبادرت الناس، فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجاً، وبلال على إثره، فقلت لبلال" وفي الرواية الرابعة "فكنت أول من دخل فلقيت بلالاً، فقلت" وفي الرواية الخامسة "فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ورقيت الدرجة وكانت قدر ثلثي ذراع، فدخلت البيت، فقلت "ومن مجموع الروايات يتبين أن عبد الله بن عمر حين فتح الباب رقى الدرجة التي تحت الباب، فدخل عقب خروج النبي صلى الله عليه وسلم، والتقى ببلال في الداخل قبل أن يخرج، فسأله فمعنى "حين خرج" حين قارب وباشر الخروج.
(ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ) أي في داخل الكعبة. في الرواية الثانية "فقلت لبلال: هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قلت: أين؟ قال .... إلخ" وهذه الرواية أوضح الروايات في سؤال ابن عمر لبلال، وقد ذكرت بعض الروايات بعضاً، وتركت بعضاً، وكأنه استثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة، ثم سأل عن مكان صلاته فيها.
(بين العمودين تلقاء وجهه) أي في مقابل اتجاهه. وكان سقف الكعبة آنذاك قائماً على ستة أعمدة في صفين، كل صف يعترض الباب ثلاثة أعمدة، فترك صلى الله عليه وسلم صف الأعمدة القريب من الباب، وفي الصف المقدم ترك عموداً عن يمينه وعمودين عن شماله، وفي مواجهة حائط الكعبة، وخلف ظهره باب الكعبة، وهذا معنى قوله في الرواية الأولى "جعل عمودين عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه" وقوله في الرواية الثانية "بين العمودين تلقاء وجهه" وقوله