للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرواية الخامسة "ولجعلت لها باباً يدخل الناس منه، وباباً يخرجون منه" وفي رواية البخاري "ولجعلت لها خلفين".

(ألم ترى أن قومك؟ ) الرؤية هنا علمية، أي ألم تعلمي أن قومك؟ أي اعلمي أن قومك.

(أفلا تردها على قواعد إبراهيم؟ ) الفاء عاطفة على محذوف، تقديره أتخاف الناس فلا تردها؟ .

(لئن كانت عائشة سمعت هذا) قال النووي: قال القاضي: ليس هذا اللفظ من ابن عمر على سبيل التضعيف لروايتها، والتشكيك في صدقها وحفظها، فقد كانت من الحفظ والضبط بحيث لا يستراب في حديثها ولا فيما تنقله، ولكن كثيراً ما يقع في كلام العرب صورة التشكيك والتقرير، والمراد به اليقين، كقوله تعالى {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} [الأنبياء: ١١١].

(لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله) أي في بناء الكعبة. قال النووي: جاء في رواية "لأنفقت كنز الكعبة في بنائها". اهـ

وكنز الكعبة ما كان يهدى إليها من حلي أو أموال تزيد عن الحاجة، فيحبس عليها ويحفظ في خزانتها، وكانوا في الجاهلية يهدون إلى الكعبة المال والحلي وغير ذلك تعظيماً لها، وحكى الفاكهي في "كتاب مكة" أنه صلى الله عليه وسلم وجد فيها يوم الفتح ستين أوقية، فقيل له لو استعنت بها على حربك؟ فلم يحركه والظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركه رعاية لقلوب قريش، كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، تشير إلى ذلك روايتنا الثالثة وفيها "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله" وقيل: تركه لأن ما جعل في الكعبة، وسبل لها يجري مجرى الأوقاف، فلا يجوز تغييره عن وجهه. قال الحافظ وهذا التعليل ليس بظاهر. اهـ

وقد روى البخاري أن عمر رضي الله عنه هم أن يقسم كنز الكعبة ومالها بين فقراء المسلمين فقيل له: ما أنت بفاعل. قال: لم؟ فقيل له: لم يفعله صاحباك. رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وهما أحوج منك إلى المال، فقال: هما المرءان يقتدي بهما، وقام كما هو وخرج.

ولما صرف الرسول صلى الله عليه وسلم النظر عن كنز الكعبة أخذ يضم عدم القدرة إلى حداثة العهد بكفر كسبب لعدم رد الكعبة إلى بناء إبراهيم، فقال -كما في الرواية الخامسة "وليس عندي من النفقة ما يقوى على بنائه".

(ولجعلت بابها بالأرض) أي ملتصقاً بالأرض، بدون درج، غير مرتفع عنها، وفي ملحق الرواية السادسة "ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض" وقد بينت الرواية الثامنة في ملحقها وضع الباب، فقالت "فما شأن بابه مرتفعاً -أي عن الأرض- لا يصعد إليه إلا بسلم"؟ وفي أصلها "فما شأن بابه مرتفعاً"؟ كما بينت الرواية السادسة في ملحقها السر في أن قريشاً رفعت باب الكعبة، ففيها "وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟ قالت: قلت: لا. قال: تعززاً -أي تصلباً وتشديداً- أن لا

<<  <  ج: ص:  >  >>