للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يدخلها إلا من أرادوا، فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي، حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط".

(ولأدخلت فيها من الحجر) حجر إسماعيل هو المحاط بحائط قصير على هيئة نصف دائرة بجوار الكعبة، وقد حددت الرواية الرابعة المقدار المتروك من الكعبة في الحجر بستة أذرع، وحددته الرواية الخامسة بخمس أذرع وحددته الرواية الثامنة قريباً من سبعة أذرع، ومن المعلوم أن في الذراع لغتين مشهورتين. التأنيث والتذكير، فصح خمس وخمسة وست وستة وسبع وسبعة. وأما الجمع بين هذا الاختلاف في المقدار فيحتمل أن الأقل لم يحسب عرض حائط الأساس، وأن الأكثر حسبه، قال النووي: قال أصحابنا: ست أذرع من الحجر مما يلي البيت محسوبة من البيت بلا خلاف، وفي الزائد عنها خلاف. هل هو من البيت أولاً؟ وسواء كان الحجر كله من البيت أو بعضه فالطواف يكون من ورائه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

(لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية، حين غزاها أهل الشام) أرسل يزيد بن معاوية جيشاً غزا المدينة سنة ثلاث وستين، ثم سار جيش يزيد إلى ابن الزبير في مكة فحاصروه، فقاتلهم أياماً، ثم جاء الخبر بموت يزيد سنة أربع وستين، فبايع أهل الحرمين ابن الزبير، وبايع أهل دمشق معاوية بن يزيد فمات معاوية بعد أربعين يوماً، وبويع مروان بن الحكم بعده، ومات سنة خمس وستين، وتمكن ابن الزبير وبايعه أهل الحرمين واليمن والعراق وخراسان، وبايع أهل الشام عبد الملك بن مروان، وفي هذا الوقت هدم ابن الزبير الكعبة وبناها، وجهز عبد الملك بن مروان جيش الحجاج بن يوسف لحرب ابن الزبير، فحاصروه ونصبوا المنجنيق، وقتلوه رضي الله عنه.

فقوله "حين غزاها أهل الشام" أي حين غزا بلاد الحجاز أهل الشام في زمن يزيد بن معاوية، فالضمير "غزاها" يعود على البيت باعتباره الكعبة، والمراد غزا ديارها وبلدها أهل الشام.

(فكان من أمره ما كان) أي فكان من أمر يزيد وجيشه مع ابن الزبير ما كان من حصار وحرب.

(يريد أن يجرئهم -أو يجربهم- على أهل الشام) قال النووي يجرئهم بالجيم والراء بعدها همزة، من الجراءة، أي يشجعهم على قتالهم، بإظهار قبح فعالهم بتركهم الكعبة مهدمة، هذا هو المشهور في ضبطه قال القاضي ورواه العذري يجربهم بالجيم والباء ومعناه يختبرهم وينظر ما عندهم في ذلك من حمية وغضب لله تعالى ولبيته، وفي رواية أو يحربهم بالحاء والراء والباء، وبفتح أوله، ومعناه يغيظهم بما يرونه قد فعل بالبيت، من قولهم حربت الأسد إذا غضبته قال القاضي وقد يكون معناه يحملهم على الحرب، ويحرضهم عليها ويؤكد عزائمهم لذلك. قال ورواه آخرون يحزبهم بالحاء والزاي، أي يشد قوتهم، ويميلهم إليه، ويجعلهم حزباً له، وناصرين له، وحزب الرجل من مال إليه، وتحازب القوم تمالوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>