للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - قال النووي قد يستدل بهذا الحديث من يتوقف في اقتضاء الأمر التكرار أو عدم اقتضائه، لأنه سأل فقال أكل عام؟ ولو كان مطلقه يقتضي التكرار أو عدمه لم يسأل، ولقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى السؤال، بل مطلقه محمول على كذا.

٣ - كما استدل بعضهم بقوله "ذروني ما تركتكم" على أن الأمر لا يقتضي التكرار.

٤ - واستدل بعضهم بقوله "ذروني ما تركتكم" على أن الأصل عدم الوجوب، وأنه لا حكم قبل ورود الشرع، وهذا هو الصحيح عند محققي الأصوليين، لقوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً} [الإسراء: ١٥].

٥ - في قوله صلى الله عليه وسلم "لو قلت نعم لوجبت" دليل للمذهب الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان له أن يجتهد في الأحكام، ولا يشترط في حكمه أن يكون بوحي وقيل يشترط. قال النووي وهذا القائل يجيب عن هذا الحديث بأنه لعله أوحي إليه ذلك.

٦ - قال النووي عن قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم" هذا من قواعد الإسلام المهمة، ومن جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام، كالصلاة بأنواعها، فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتى بالباقي، وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غسل الممكن وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة فعل الممكن، وإذا وجبت إزالة منكرات، أو فطرة جماعة ممن تلزمه نفقتهم، أو نحو ذلك، وأمكنه البعض فعل الممكن، وإذا وجد ما يستر بعض عورته، أو حفظ بعض الفاتحة أتى بالممكن، وأشباه هذا غير منحصرة وهي مشهورة في كتب الفقه، والمقصود التنبيه على أصل ذلك، وهذا الحديث موافق لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦]. وأما قوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته} [آل عمران: ١٠٢]. ففيها مذهبان أحدهما أنها منسوخة بقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} والثاني وهو الصحيح أو الصواب وبه جزم المحققون أنها ليست منسوخة، بل قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} مفسرة لها، ومبينة للمراد بها. قالوا وحق تقاته هو امتثال أمره، واجتناب نهيه، ولم يأمر سبحانه وتعالى إلا بالمستطاع، قال الله تعالى لا يكلف الله نفساً إلا وسعها وقال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: ٧٨].

٧ - قوله: "وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه" ليس على إطلاقه، فقد يوجد عذر يبيحه كأكل الميتة عند الضرورة، أو شرب الخمر عند الإكراه، أو التلفظ بكلمة الكفر إذا أكره ونحو ذلك. وذهب البعض إلى أنه على إطلاقه، وأن المكلف ليس منهياً عن ذلك في تلك الحال.

٨ - استدل بقوله: "وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه" على أن المكروه يجب اجتنابه، لعموم

<<  <  ج: ص:  >  >>