الحركة، أو استخدام لخواص الأشياء التى يجهلها الراءون. وفي ذلك يقول القرطبي: السحر حيل صناعية يتوصل إليها بالاكتساب غير أنها لدقتها لا يتوصل إليها إلا آحاد الناس، ومادته الوقوف على خواص الأشياء والعلم بوجوه تركيبها وأوقاته وأكثرها تخيلات بغير حقيقة، وإيهامات بغير ثبوت، فيعظم عند من لا يعرف ذلك كما قال الله تعالى عن سحرة فرعون:{وجاءوا بسحر عظيم}[الأعراف: ١١٦] مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها حبالا وعصيا. اهـ.
وقال أبو بكر الرازي في الأحكام: أخبر الله تعالى أن الذي ظنه موسى من أنها تسعى لم يكن سعيا وإنما كان تخييلا، وذلك أن عصيهم كانت مجوفة قد ملئت زئبقا، وكذلك الحبال كانت من أدم محشوة زئبقا، وقد حفروا قبل ذلك أسرابا وجعلوا لها آزاجا، ثم ملئت نارا فلما طرحت على ذلك الموضع، وحمى الزئبق حركها، لأن من شأن الزئبق إذا أصابته النار أن يطير، فلما أثقلته كثافة الحبال والعصي صارت تتحرك بحركته. فظن من رآها أنها تسعى ولم تكن تسعى حقيقة. اهـ.
أما حكم السحر فقد قال النووي: عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، ومنه ما يكون كفرا، ومنه ما لا يكون كفرا، بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر، فهو كفر وإلا فلا. وأما تعلمه وتعليمه فحرام، فإن كان فيه ما يقتضي الكفر كفر واستتيب منه، وإلا يقتل، فإن تاب قبلت توبته، وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عزر، وعن مالك: الساحر كافر، يقتل بالسحر ولا يستتاب، بل يتحتم قتله كالزنديق، قال عياض: وبقول مالك قال أحمد وجماعة من الصحابة والتابعين.
قال الحافظ ابن حجر: وقد أجاز بعض العلماء تعلم السحر لأحد أمرين: إما لتمييز ما فيه كفر عن غيره، وإما لإزالته عمن وقع فيه، فإن كان لا يتم - كما زعم بعضهم - إلا بنوع من أنواع الكفر أو الفسق فلا يحل له أصلا. والله أعلم.
٢ - وأما أكل مال اليتيم ففيه يقول الله تعالى:{إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا}[النساء: ١٠] ويقول: {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا}[النساء: ٢] ويقول: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}[النساء: ٦] ولا خلاف في أن أكل الأجنبي من مال اليتيم كبيرة، قل الأكل أو كثر. وإنما الخلاف في ولي اليتيم والقائم على ماله هل له أن يأكل منه أو لا؟ .
وظاهر الحديث العموم فيشمل الولي وغير الولي، وسواء في ذلك كون الولي غنيا أو فقيرا، وبه قال قوم، وأجابوا عن قوله تعالى:{ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} أجابوا بأن المراد بالغني والفقير في هذه الآية اليتيم، أي إن كان اليتيم غنيا فلا يسرف وليه في الإنفاق عليه، وإن كان اليتيم فقيرا فليطعمه من ماله بالمعروف، ولا دلالة في الآية على أكل الولي من مال اليتيم.