على العبادة بفوائده التي هي في معناها عبادة، من تحصين النفس، وبقاء الولد الصالح وغير ذلك.
ويحتج للأولين أيضاً بأن النكاح اتجاه نحو الشهوات والملذات، والفضيلة في المنع منها، بل مأمور بالبعد عنها، أو الزهد فيها. ورد هذا الاحتجاج بأن النكاح له مقاصد حسنة غير قضاء الشهوة من تحصين المرأة والنسل وغير ذلك.
ويحتج للأولين أيضاً بما قاله الشافعي من أن النكاح معاملة، فلا فضل لها على العبادة، ورد بأن هذا نظر إلى صورة النكاح أيضاً دون معناه، ففي معناه عبادة كما سبق، ثم إن الأمر بالنكاح، والنهي عن الرهبانية وما ذكرناه في أول فقه الحديث من نصوص في الترغيب في النكاح كل ذلك يؤكد أن النكاح عبادة مطلوبة، ويكفي فيها "النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني" و"من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني".
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
١ - من الرواية الأولى من قول عثمان "ألا نزوجك" استحباب عرض الصاحب على صاحبه أن يتزوج إذا لم تكن له زوجة، وهو صالح للزواج وإن كان كبيراً.
٢ - وفيه استحباب نكاح الشابة، قال النووي: لأنها المحصلة لمقاصد النكاح، فإنها ألذ استمتاعاً، وأطيب نكهة، وأرغب في الاستمتاع الذي هو مقصود النكاح، وأحسن عشرة، وأفكه محادثة، وأجمل منظراً، وألين ملمساً، وأقرب إلى أن يعودها زوجها الأخلاق التي يرتضيها.
٣ - ومن استخلاء عثمان بابن مسعود استحباب الإسرار بمثل هذا، فإنه مما يستحيا من ذكره بين الناس.
٤ - ومن قوله "لعلها تذكرك بعض ما مضى" جواز المداعبة اللطيفة، والممازحة الخفيفة.
٥ - ومن استخلاء عثمان بابن مسعود دون علقمة جواز المناجاة، وترك الثالث للحاجة.
٦ - وعلى الثالث تقدير الظروف وعدم الحزن، وخصوصاً إذا جبر خاطره، كما هنا.
٧ - وفي الحديث إرشاد العاجز عن مؤن النكاح إلى الصوم، قال الحافظ ابن حجر: لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل، تقوى بقوته، وتضعف بضعفه.
٨ - واستدل به الخطابي على جواز المعالجة لقطع شهوة النكاح بالأدوية عند الحاجة، قال الحافظ ابن حجر: وينبغي أن يحمل على دواء يسكن الشهوة، دون ما يقطعها أصالة، لأنه قد يقدر بعد، فيندم لفوات ذلك في حقه، وقد صرح الشافعية بأن لا يكسرها بالكافور ونحوه، والحجة فيه أنهم اتفقوا على منع الجب والخصاة، فيلحق بذلك ما في معناه من التداوي بما يقطع الشهوة.
٩ - واستدل به الخطابي أيضاً على أن المقصود من النكاح الوطء.