٤ - توجيه نفي دخول المتكبر الجنة وتوجيه نفي دخول المؤمن النار.
٥ - ما يؤخذ من الحديث.
١ - أما الكبر فقد نهى الله تعالى عنه بقوله:{ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا}[الإسراء: ٣٧] وبقوله: {ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}[لقمان: ١٨ - ١٩].
وذكر جل شأنه عاقبة المستكبرين بقوله:{فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون}[فصلت: ١٥ - ١٦].
كما حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الكبر في هذا الحديث وفيما رواه مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم:"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر" وفيما رواه أيضا في موضع آخر من قوله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يتبختر، يمشي في برديه، قد أعجبته نفسه، فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة".
وواجبنا في هذا المقام تحديد مفهوم الكبر المذموم حتى لا تلتبس به العزة والمحافظة على الكرامة.
إن الكبر - كما يوضحه الحديث- بطر الحق وغمط الناس، والبطر: الطغيان عند النعمة، بمعنى عدم التوجه إلى المنعم بالشكر، والاعتداد بالنفس والترفع عن الناس كما قال عاد:(من أشد منا قوة) والاعتقاد بأنها من صنعه كما قال قارون: {إنما أوتيته على علم عندي}[القصص: ٧٨] والاغترار بأنها ستدوم. وأنه ما أوتيها إلا لأنه الأحق بهما كما قال صاحب الجنتين حين دخل جنته وهو ظالم لنفسه:{ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا}[الكهف: ٣٥ - ٣٦] إن الكبر هو الترفع عن الناس، سواء كان متمتعا فعلا بمظاهر الرفعة، أو كانت أكفه في التراب، ورأسه في السماء، لكنه من العائل الفقير أشد قبحا منه من الغني صاحب السلطان، بل إن الكبر الإحساس - ولو في أعماق النفس- بالزهو والخيلاء والترفع عمن حوله من الناس وإن لم تظهر آثار ذلك في معاملته لهم، لكنه مع التعالي في المعاملة أشد قبحا. فهو في هذه الحالة يكسب الإثم من الله والمقت من الناس.
فالتواضع المطلوب هو لين الجانب لمن يساويك أو لمن هو دونك. أما الاستكانة لمن هو فوقك فكثيرا ما تكون ضعفا وجبنا وذلة وصغارا.
وأما العزة فهي وضع النفس الموضع اللائق بها، والمحافظة عليها من الضعة وصيانة الكرامة عن