العصمة، وهو أعم من أن يكون بالثلاث مجموعة، أو بوقوع الثالثة التي هي آخر ثلاث تطليقات، والظاهر الثاني، فمعنى الرواية الثانية "فطلقها آخر ثلاث تطليقات".
(فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير) بفتح الزاي وكسر الباء، قال النووي: بلا خلاف، وهو الزبير بن باطاء ويقال: باطياء، وكان عبد الرحمن هذا صحابياً، وكان أبوه الزبير يهودياً، قتل في غزوة بني قريظة. وهذا الذي ذكرناه من أن عبد الرحمن بن الزبير بن باطاء القرظي هو الذي تزوج امرأة رفاعة القرظي هو الذي ذكره أبو عمر بن عبد البر والمحققون، قال ابن مناة وأبو نعيم الأصبهاني في كتابيهما في معرفة الصحابة إنما هو عبد الرحمن بن الزبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن أوس. والصواب الأول. اهـ
(وإن ما معه مثل هدبة الثوب)"ما" موصولة، ويحتمل وصلها بإن لتكون كافة ومكفوفة، أداة قصر، وتكتب هكذا "إنما" و"هدبة الثوب" بضم الهاء وإسكان الدال طرفه الذي لم ينسج، شبهوه بهدب العين، وهو شعر جفنها، أرادت أن ذكره يشبه الهدبة في الاسترخاء، وعدم الانتشار، وفي الرواية الثانية "وإنه والله ما معه إلا مثل الهدبة" و"ما" هنا نافية. "وأخذت بهدبة من جلبابها" وفي رواية للبخاري "ولم يكن معه إلا مثل الهدبة، فلم يقربني إلا هنة واحدة" - "هنة" بفتح الهاء والنون مخففة، أي لمسة خفيفة، وفي رواية "وسمع زوجها، فجاء ومعه ابنان له من غيرها قالت: والله ما لي إليه من ذنب إلا أن ما معه ليس بأغنى عني من هذه -وأخذت هدبة من ثوبها- فقال: كذبت والله يا رسول الله، إني لأنفضها نفض الأديم، ولكنها ناشزة، تريد رفاعة. قال صلى الله عليه وسلم: إن كان ذلك لم تحل له".
(فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم) تعجباً منها، إما لتصريحها بما يستحي النساء من التصريح به غالباً، وإما لضعف عقل النساء، لكون الحامل لها على ذلك شدة بغضها للزوج الثاني، وشدة حبها للزوج الأول، ورغبتها في الرجوع إليه.
وفي الرواية الثانية "فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً" فضاحكاً حال، أي شارعاً في الضحك، أعني تجاوز حد التبسم إلى الضحك، وقيل: هو حال مؤكدة، على أساس أن التبسم والضحك بمعنى، لكن المعروف وجود فرق بينهما، قال الحافظ ابن حجر: التبسم مبادئ الضحك من غير صوت، والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور مع صوت خفي، فإن كان فيه صوت يسمع من بعيد فهو القهقهة، وقال الألوسي: كأن من ذهب إلى اتحاد التبسم والضحك خص ذلك بما كان من الأنبياء عليهم السلام، فإن ضحكهم تبسم.
(أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا) جواب مختصر، ووقع كاملاً في رواية للبخاري بلفظ "لا تحلين لزوجك الأول".